التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب عمود الفسطاط تحت وسادته

          ░24▒ (بَابُ عَمُودِ الفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ)
          الفُسْطَاطُ والفُسْتَاتُ والفِسْطَاطُ _بضمِّ الفاء وكسرها_ هو: السُّرادق. قال ابن بطَّالٍ: سألت المهلَّب كيف ترجم البخاريُّ بهذا الباب ولم يذكر فيه حديثًا؟ فقال: لعلَّه رأى حديث ابن عمر أكمل؛ إذ فيه أنَّ السَّرَقة كانت مضروبةً في الأرض على عمود كالخِباء وأنَّ ابن عمر اقتلعها فوضعها تحت وسادته، وقام هو بالسَّرَقة يُمسكها وهي كالهودج مِن إستبرق، فلا يرى موضعًا مِن الجنَّة إلَّا طار إليه، ولمَّا لم يكن هذا بسنده لم يَذكره وترجم به ليدلَّ أنَّ ذلك مرويٌّ مِن فعلهم أو ليبيِّن سَنده فيلحقه به فأعجلته المنيَّة عَن تهذيب كتابه، وفي النُّسخ القَديمة هنا بياضٌ، وكأنَّه تركه لمَّا لم يجد حديثًا يناسبه على شرطه، وقد روى البيهقيُّ في «دلائل النُّبوَّة» عن عمر بن الخطَّاب قال: ((قال رسول اللهِ صلعم : رأيتُ عمودًا مِن نورٍ خرج مِن تحت رأسي ساطعًا حتَّى استقرَّ بالشَّام)) ولعلَّ تأويله ما وفَّق الله به أهل الشَّام مِن رعاية إحياء السُّنَّة والمواظبة على تقويتها والقيام بحقوقها مِن إقامة الحقوق وإمْساك الأوامر والنَّواهي غالبًا، ومُلازمة سماع الحَديث، ونشرهم علوم الشَّرع، وقمع أهل البِدع وإذلال حِزبها، وهم مع هذا لا يميلون مع تطاول الأزْمان عن النَّهج القويم.