التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة

          6982- قوله: (حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ) أي: بلفظ الماضي مِن الفجأة أي: جاءه أمر الحقِّ بغتةًّ وهو الوحي، أو رسول الحقِّ وهو جبريل جاءه مِن غير تقدُّم سببٍ.
          قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ) _بضمِّ العين المهملة وفتح القاف_ هو ابن خالدٍ الأَيْليُّ مِن أَيْلة: البلدة بساحل البحر بين الحجاز ومصر والشَّام.
          قوله: (ح) هي إشارةٌ إلى التَّحويل مِن إسنادٍ قبل ذكر الحديث إِلى إسنادٍ آخر، أو إشارة إلى صحَّ، أو إلى الحائل، أو إلى الحَديث.
          قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) فيه إشعارٌ بأنَّه يروي / له حديثًا ثمَّ عقَّبه بهذا الحديث فهو عطفٌ على مقدَّرٍ.
          قوله: (أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلعم مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ)
          قوله: (فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا) بِلا تنوين.
          قوله: (إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ) بفتح الفاء ضوء الصُّبح وشقَّه مِن الظُّلمة وافتراقها منه، ومعناه أنَّه ╕ خُصَّ بعموم صدق الرُّؤيا؛ فكلُّ رؤياه صادقةٌ وإلَّا فالرُّؤيا الصَّادقة قد تقع للمسلم والكافر ولكلِّ أحدٍ، إلَّا أنَّ ذلك قد يقع لغيره ◙ في النَّادر مِن الوقت بخلافه هو.
          قوله: (وَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً) _بالكسر والمدِّ_ جبلٌ مشهورٌ على يسار الذَّاهب مِن مكَّة إلى منى، وقد يُؤنَّث ويُصرف.
          قوله: (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) تفسيرٌ للتَّحنُّث وَهو إدراجٌ مِن الرَّاوي، و(اللَّيَالِيَ) مفعول (يَتَحَنَّثُ)، و(ذَوَاتِ) _بالكسر_ أي: كثيرة.
          قوله: (فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي) أي: ضَغطني. وقال الدَّاوديُّ: معناه صنع لي شيئًا حتَّى ألقاني إلى الأرض كمَن تأخذه الغشية.
          قوله: (حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ) هُو بالضمِّ الطَّاقة، وبالفتح الغاية، وبرفع الدَّال ونصبها.
          وفائدة الضغط تنبيهه واستحضاره ونفي منافيات القِراءة عنه، وأخذ شُريحٌ القاضي مِن تكرير غطَّه أنَّه لا يُضرب في التَّعليم أكثر مِن ثلاث ضرباتٍ. حكاه عنه السُّهيليُّ.
          قوله: (فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلعم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ) جمع بادرة، وهي اللَّحمة بين العُنق والمِنْكب.
          قوله: (حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ) هو _بفتح الرَّاء_ الفزع.
          قوله: (وَقَالَ: قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي) أي مِن أن يكون مرضًا أو عارضًا مِن الجنِّ، وقالوا: الأولى خشيت أنِّي لا أقوى على تحمُّل أعباء الوحي ومقاومته.
          قوله: (فَوَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ) مِن الإحزان والإخزاء.
          قوله: (وَتَحْمِلُ الكَلَّ) أي: الثِّقل مِن الناس.
          قوله: (فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا) (أَخِي أَبِيهَا): خبر مبتدأ محذوف أي: هو يعني أخو أبيها، وفائدته دفع المجاز في إطلاق العمِّ عليه.
          قوله: (فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟) لم يكن رسول الله صلعم ابن أخي ورقة وإنَّما قال له ذلك تعظيمًا وإظهارًا للشفقة.
          قوله: (هَذَا النَّامُوسُ) هو صاحب السِّرِّ يعني جبريل.
          قوله: (لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا) _بجيمٍ وذالٍ معجمةٍ_ هو الشابُّ القويُّ، وانتصب (جَذَعًا) بمقدَّرٍ أي: ليتني أكون جَذَعًا، أو هو على مذهب مَن ينصب بليت الجزءين أو حال.
          قوله: (أَوَمُخْرِجِيَّ) الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدَّرٍ بعدها، و(هُمْ) مبتدأ و(مُخْرِجِيَّ) خبره.
          قوله: (كُنْتُ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا) مِن التأزير _بالزَّاي_ وهو التَّقوية والتشديد، قال القزَّاز: وأحسب أنَّ الألف سقطت مِن أمام الواو إذ لا أصل لمؤزَّرٍ / بغير ألفٍ في كلام العرب إنَّما هو مِن وازرته مؤازرةً إذا عاونته، ومنه أَخذ وزير الملك، فعلى هذا تُقرأ ((موزَّرًا)) بغير همزٍ، وقيل: هو مأخوذٌ مِن الأَزْر وهو القوَّة، ومنه قوله تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}[طه:31] أي: قوَّتي، وقيل: ظَهري. قال الجوهريُّ: آزرتُ فلانًا عاونته، والعامَّة تقول: وازرته.
          قوله: (ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ) (يَنْشَبْ) _بفتح الشين المعجمة_ أي: لم يلبث ولم يتعلَّق بشيءٍ.
          قوله: (وَفَتَرَ الوَحْيُ حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهُ صلعم) هو بكسر زاي (حَزِنَ)، (فِيمَا بَلَغَنَا) أي: في جملة ما بلغ إلينا مِن رسول الله صلعم أنَّه (غَدَا مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ) أي: مِن أعاليها، يُقال: جبلٌ شاهقٌ أي عالٍ، أي يسقط مِن أعالي شواهق الجبال.
          قوله: (فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ) أي: أشرف، والذِّرْوَة _بالكسر والفتح والضمِّ_ الأعلى، وذروة كلُّ شيءٍ أعلاه،.
          قوله: (1) (فَيَسْكُنُ بِذَلِكَ جَأْشُهُ) أي: قلبه وهو بالهمز، وعزَّة النَّفس والاضطراب.
          واعلمْ أنَّ عائشة ♦ لم تدرك ذلك الوقت فإمَّا أن تكون سمعته (2) مِن رسول الله صلعم ، أو سمعته مِن صحابيٍّ آخر. فإن قلت: قوله: (فِيمَا بَلَغَنَا ..) إلى آخره، الحديثَ. هل يثبت بهذا الإسناد أم لا؟ قلتُ: لفظه أعمُّ مِن الثبوت به أو بغيره لكنَّ الظَّاهر مِن السياق أنَّه بغيره، وقوله: (غَدَا) بإهمال العين وفي بعضها بإعجامها.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ}[الأنعام:96]: ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ) هذا التَّعليق تقدَّم مسندًا في التَّفسير. قال ابن التين: ومَا ذكره غير ظاهرٍ ولعلَّه محمولٌ على أنَّ الإصباح الضِّياء فيكون معناه: ضياء الشَّمس بالنَّهار والقمر باللِّيل، وإنَّما أراد البخاريُّ هنا الاستدلال على تفسير قوله: (إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ)، والمعنى أنَّها تأتي نيِّرة مثل ذلك في إنارته وإضاءته وصحَّته، وقال الحسن: الإصباح جمع صبحٍ، ومعنى فالق: خالق.


[1] في الأصل:(قوله)) مكانها بياض.
[2] صورتها في الأصل:((سمعه)) وكذا في الموضع الذي يليه.