التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا.

          6594- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ) الطَّيَالِسِي.
          قوله: (أَنْبَأَنِي سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ) هو أبو محمَّد سليمان بن مِهران الكَاهلي.
          قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ) أي ابن مسعود (قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ) أي في الْمُخبَر به _بلفظ المفعول_ صدَّق (1) أي مَا أخبره جبريل به كان صادقًا، ويحتمل أن يُراد الصِّدق مِن جهة النَّاس، فإن قلتَ: مَا الغرض في ذكر الصَّادق المصدوق وهو إعلام بالمعلوم؟ قلتُ: لَمَّا كان مَضمون الخبر أمرًا مخالفًا لِمَا عليه الأطباء أراد الإشارة إلى صِدقه وبطلان مَا قالوه، أو ذكره تلذُّذًا أو تبرُّكًا وافْتخارًا.
          قوله: (أَنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ (2)، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ) قال الأطباء: إنَّما يَتَصَوَّرُ الجنين فيما بين ثلاثين يومًا إلى الأرْبعين، والمفهوم مِن الحديث أنَّ خِلقته إنَّما تكون بعد أربعة أشهر، و(أَنَّ) بفتح الهمزة عن ابن مالك، والعَّلقة واحدة العَلَق وهو الدَّم قبل أن ييبس وهو جامد، والمُضغة: القطعة الصغيرة مِن اللَّحم، وسُمِّيت بذلك لأنها قدْرُ ما يُمضغ.
          قوله: (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: برِزْقِهِ) وهو الغذاء، حلالًا كان أو حرامًا، وقيل: هو كلُّ ما ساقه الله إلى العبد لينتفع به وهو أعمُّ ليتناول العلم ونحوَه، وقوله: (بِأَرْبعٍ) أي كلمات، / ولذلك لم يُثْبِت الهاء في (أَرْبَعٍ).
          قوله: (وَأَجَلِهِ) الأجل يُطلق لمعنيين: لمدَّة العمر مِن أولها إلى آخرها، وللخبر الأخير الَّذي يموت فيه، فإنْ قلتَ: هذا يدلُّ على أنَّ الحكم بهذه الأمور بَعد كونه مضغةً لا أنَّه أزليٌّ (3)! قلت: هذا إعلام للمَلَك بأنَّه المقضيُّ في الأزَل هكذا حتَّى يُكتب على جبهته مثلًا، فإن قلتَ: الأمور المذكورة ثلاثة لا أربعة! قلتُ: الرَّابع كونه ذكرًا أو أنثى كما صرَّح به في الحديث بعدَه، أو عَمَله كما تقدَّم في أوَّل كتاب بدء الخلق، ولعلَّه إنَّما لم يذكره لأنَّه يلزم مِن المذكور، أو اختصر الحديث اعتمادًا على شهرته. فإن قلتَ: فيلزم منه مشكلٌ آخر وهو أنَّ الرَّابع إمَّا العمل وإمَّا المذكورة (4) مثلًا وإلَّا كان خمسة، قلتُ: لا يلزم مِن الأمر بكتابة أربعة أن لا يكون شيءٌ آخر مكتوبًا عليه؛ إذ العلم بالذُّكورة والأنُوثة يستلزم العلم بالعمل؛ لأنَّ عمل الرِّجال مخالف لعمل النِّساء وكذلك العَكس.
          قوله: (فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ _أَوِ الرَّجُلَ_ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ) المقصود قربُه إلى الجنَّة (5) لا التَّحديدُ بالذِّراع ونحوه.
          قوله: (فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ) أي مكتوبُ اللهِ، يعني القضاء الأزلي.


[1] كذا في الأصل.
[2] في الأصل بدون كلمة((ذلك)).
[3] في الأصل:((آدمي)).
[4] كذا في الأصل ولعل الصواب:((الذكورة)).
[5] كذا في الأصل ولعل الصواب:((النار)).