التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: ما أحب أنه يحول لي ذهبًا يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث

          2388- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ) هو الأصفر الحناط، واسمه: عبد ربه بن نافع المدائني، وفيه خرج له الشيخان وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه، يروي عن خالد الحذَّاء وليث بن أبي سليم وعاصم بن بهدلة والأعمش كما هنا، وعنه مشدد وأحمد بن يونس، توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وصرح البخاري باسمه في كتاب الأشربة في باب أن الخمر من العنب، وليس هو بأبي شهاب الأكبر الحناط (1) موسى بن نافع، ذاك يروي عن عطاء بن أبي رباح، وعنه أبو نُعيم، خرج له البخاري في آخر باب التمتع والقران من كتاب الحج عن أبي نعيم عنه عن عطاء بن أبي رباح حديثًا واحدًا ليس له غيره.
          قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) اسمه على الأصح: جندب بن جنادة، وقِيلَ: برير بن جنادة، ويقال: برير بن جندب، ويقال غير ذلك، توفي سنة اثنتين وثلاثين.
          قوله: (فَلَمَّا أَبْصَرَ يَعْنِي أُحُدًا قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يحَوَّلَ لِي ذَهَبًا يبيت عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ) قال ابن مالك: يضمن استعمال حول بمعنى صير، وعامله عملها، وهو استعمال صحيح خفي على أكثر النحويين، فيقتضي مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر، كظن وأخواتها، وقد جاءت في هذا الحديث لما لم يُسمَّ فاعله، فرفعت أوَّل المفعولين، وهو ضمير عائد إلى (أحد)، ونصب ثانيهما، وهو الذهب، فصارت ببنائها لما لم يُسمَّ فاعله جارية مجرى (صار) في رفع ما كان مبتدأ، ونصب ما كان خبرًا، وروي: (يُتَحول) بضم المثنَّاة من تحت وفتح المثنَّاة من فوق.
          قوله: (ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ) أي: إن الأكثرين أموالًا هم الأقلون في الحسنات والحظ إلا من صرفه وأنفقه في وجهه، ولفظ (هُمُ) مبتدأ، و(قليل) خبره، و(ما) زائدة أو صفة.
          قوله: (إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا) قال في «النهاية»: العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام / فتقول: قال بيده، أي: أخذ بها، وقال برجله أي: مشى، وقال بالماء على يده أي: قلب، وقال بثوبه، أي: رفعه كل ذلك على المجاز والاتساع، وقال في الحديث بمعنى: أشار، وقوله: (هَكَذَا) صفة مصدر محذوف، أي: أشار بيده إشارة مثل هذه الإشارة.
          قوله: (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) أي: قليل فاعله من أهل الأموال، و(ما) في قوله: (مَا هُمْ) زائدة مؤكدة للقلة، و(هُمْ) مبتدأ، (وَقَلِيلٌ) خبره مقدَّم عليه، وقدم اختصاصًا، فإن أكثر الأكثرين ليسوا على هذه الصفة.
          قوله: (وَقَالَ: مَكَانَكَ) أي: الزم مكانك.
          قوله: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الَّذِي سَمِعْتُ) خبر مبتدأ محذوف، نحو: ما الذي سمعت.
          قوله: (قُلْتُ: وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا) أي: إن زنا وإن سرق كما هو مبين في موضع آخر.


[1] صورتها في الأصل الخياط.