التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: يقصر إذا خرج من موضعه

          ░5▒ (بَابُ يَقْصُرُ (1) الصَّلاة إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ)
          قوله: (وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى البُيُوتَ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الكُوفَةُ؟ قَالَ: لاَ حَتَّى نَدْخُلَهَا) هذا الأثر عن عليٍّ أخرجه البيهقي مِن حديث علي بن ربيعة قال: ((خرجنا مع عليٍّ فقصر ونحن نرى البيوت، ثمَّ رجعنا فقصرنا، فلمَّا رأينا البيوت قلنا له، فقال: نقصر حتَّى ندخلها)).
          اعلمْ أنَّ المسافر مِن بلد إن كان (2) لبلده سور فيقصر بمفارقة السُّور ولا يشترط مجاوزة ما وراءه على ما نقله كثير مِن الأئمَّة، وقال النَّووي: إنَّه المذهب الذي قطع به الجمهور_يعني مِن الشَّافعية_ وهذا فيما إذا كان وراء السور مساكن متلاصقة، فإن لم يكن كفى مفارقته وحدَه، والموافق لنصِّ الشَّافعي أنَّه يشترط / تجاوز ما وراءه مِن المساكن والمقابر، وإن لم يكن للبلد سور فأوَّل سوره مجاورة العمران لا البساتين، إلَّا أن يكون فيها قصورًا ودورًا يسكنها مُلَّاكُها في كلِّ السَّنة أو في بعض فصولها فيشترط مجاوزتها، هكذا ذكره أبو القاسم الرَّافعي.
          وقال النووي: فيه نظر، قال: ولم يذكر الجمهور ذلك، وأنَّ الظاهر خلافه، لأنها ليست مِن البلد، ولا يصير منه بإقامة بعض النَّاس فيها بعض الفصول، وفي اشتراط مجاوزة الخراب خلاف لأصحابنا محلُّه فيما إذا لم يتَّخذ مزارع ولا هجروه، وبالتحويط على العامر وإلا لم يشترط مجاوزته بلا خلاف عند أصحابنا. وما قدَّمناه مِن اشتراط مجاورة سور البلد هو في مختصٌّ بها، فإن جمع سور بلدين أو قرى متفاصلة لم يشترط مجاورة السور، بل مفارقة البلد أو القرية على ما تقدَّم، لكن إن اتَّصلت القريتان فيعتبر مفارقتهما، وفي احتمال الإمام (3) الحرمين يكفي مجاوزة قرية المسافر فقط، ويعتبر في حقِّ أصحاب الخيام مفارقة خيامهم ومجاوزة مرافقها لمطرح الرَّماد وملعب الصبيان والنادي ومعاطن الإبل، واعتبر بعضهم أيضًا مجاوزة المحتطب والماء المختصِّ بهم، والمسافر مِن وادي إنْ سافر في عرضه اعتبر مجاوزته، نصَّ عليه الشَّافعي، قال أصحابه: هذا إن لم يفرط ببيعته فإن افرطت (4) فالشرط مجاوزة القدِر (5) الذي بعد موضع نزوله أو موضع البلد التي هو منها، كما لو سار في طول الوادي، وأجرى القاضي أبو الطيَّب كلام الشَّافعي على إطلاقه وقال: جانبا الوادي كسور البلد، ولو سافر مِن ربوة فلا بد أن يهبط أو مِن وهدة فلا بدَّ أن يصعد، وكلُّ هذا عند الاعتدال كما تقدَّم في الوادي.


[1] في الأصل صورتها:((تفضل)) والمثبت من نسخة الصحيح في الشاملة.
[2] في الأصل:((فات)).
[3] كذا في الأصل.
[4] كذا في الأصل.
[5] كذا في الأصل.