تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب التيمم في الحضر

          ░3▒ (بَابُ) حكم (التَّيَمُّمِ في الحَضَرِ إِذَا لَم يَجِدِ الماءَ) حسًّا أو شرعًا. (وَخَافَ) في نسخة: <فخَاف>، وفي أخرى: <أو خاف> (فَوتَ) وقت (الصَّلاة) فـ (إِذَا) ظرفٌ للتيمم، أو شرط وجوابها محذوف دلَّ عليه ما قبله، أي يتيمم(1).
          (وَبِهِ) أي: بالتيمم فيما ذكر. (قَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباح، وبه قال الشافعي لكن مع القضاء لندرة فقد الماءِ في الحضر بخلاف السفر، وعليه لا يتقيد ذلك بخوف فَوت الوقت.
          (وَقَالَ الحَسَنُ) أي: البصريُّ (في المريضِ عِندَهُ الماءُ، وَلَا يَجِدُ مَن يُنَاوِلُهُ) له: (يَتَيَمَّمُ) في نسخة: <تيمَّم> بلفظ الماضي، بخلاف ما إِذَا وجد من يناوله الماء لا يتيمم؛ لقدرته على الوضوء، وهذا مذهب الحسن ومن وافقه، وأما مذهب الشافعي فلا يتيمم للمرض إلا إِذَا خاف من الماءِ محذورًا، سواء وجد من يناوله الماء أم(2) لا.
          (بِالجُرُْفِ) _ بضمِّ الجيم والراء وقد تُسَكن_ ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض، والمراد به هنا: موضعٌ بقرب المدينة على ثلاثة أميال، وقيل: على فرسخٍ منها من جهة الشام. (فَحَضَرَتِ العَصرُ) أي: صلاته. (بِمِربَدِ النَّعَمِ(3)) _بكسر ميم (مِرْبَد) أكثر من فتحها، وبسكون الراءِ، وفتح الموحدة، ودال مهملة_ موضع تُحبس فيه النَّعم(4) على ميلين من المدينة، فلهذا دخل في ترجمة الحضر لأن السفر القصير في حكم الحضر. (فَصَلَّى) أي: العصر بالتيمم. (مُرتَفِعَةٌ(5)) أي: عن الأفق. (فَلَم يُعِد) أي: الصَّلاة. وتقدم أن مذهب الشافعي وجوبُ الإعادة على من تيمم في الحضر، وأن السفر القصير في حكمه. قال شيخنا: وظاهر ما ذكر أن ابن عمر لم يراعِ في جواز التيمم خروج(6) الوقت لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة(7)، لكن يحتمل أنه ظنَّ أنه لا يصل إليها إلا بعد الغروب، أو تيمم لا عن حدث، وإنما أراد تجديد الوضوء فلم يجد الماء، فاقتصر على التيمم بدل الوضوء. قال: وعلى الاحتمال الأخير لا حجة فيما ذكر لمن أسقط الإعادة عن المتيمم في الحضرِ؛ لأنه على هذا الاحتمال لا تجب(8) عليه الإعادة بالاتفاق.


[1] في (د): ((للتيمم)).
[2] في المطبوع: ((أو)).
[3] في المطبوع: ((الغنم)).
[4] في المطبوع: ((الغنم)).
[5] في (د): ((مرتفقة)).
[6] زاد في (د): ((به)).
[7] في (د): ((مرتفقة)).
[8] في (ط) والمطبوع و(د): ((لا يجب)).