تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

          2475- (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي) بنصب (حِينَ) على الظَّرفية. (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) حال، ويأتي مثل ذلك في قوله: (وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ... إلى آخره)، وفاعل (يَشْرَبُ) ضمير مستتر راجع إلى الشَّارب الدَّال عليه (يَشْرَبُ) مع موافقته لما قبله، لا إلى الزَّاني لفساد المعنى.(1) (والنَّهْبَةُ) بفتح النُّون مصدر، وبالضم: المنهوب(2) بغير إذن صاحبه بقرينة قوله: (يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُم) وقوله فيما ذكر: (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي كامل، أو المراد: من فعل ذلك مستحلًّا له، أو هو من باب الإنذار بزوال إيمان من استمرَّ على هذه المعاصي، وقيَّد الجميع بالظرف بحمل الفعل بعده على إرادته، كما هو كثير في كلامهم(3)، كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ} الآية [النحل:98] أي(4) لا يزني الزَّاني حين إرادته الزِّنا وهو مؤمن لتحقق مراده بزناه وانتفاءِ وقوعه منه سهوًا أو جهلًا، وكذا البقيَّة، فذكر القيدَ لإفادة كونه متعمدًا عالمًا.
          (وعَنْ سَعِيدٍ) أي ابن المسيب. (وَأَبِي سَلَمَةَ) أي ابن عبد الرَّحمن. (الفِرَبْرِيُّ) هو محمد بن يوسف. (وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ) هو ابن أبي حاتم ورَّاق البخاري. (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) أي البخاري / (تَفْسِيرُهُ) أي تفسير البخاري. (لَا يَزْنِي الزَّانِي... إلى آخره). (أَنْ يُنْزَعَ مِنهُ يُريدُ الإيمَانَ) من الإرادة، كذا رأيته في نسخٍ، وقال(5) شيخنا كغيره: بدل ذلك أن ينزع منه نور الإيمان، والإيمان: التصديق بالجَنان والإقرار باللِّسان، ونوره الأعمال الصَّالحة واجتناب المعاصي، فإذا فعل شيئًا مما ذُكر ذهب نور إيمانه وبقي صاحبُه في ظُلمة.


[1] زاد في (ع) و(ك) و(د): ((المراد)).
[2] زاد في (د): ((والمراد بالمنهوب)).
[3] في (د): ((هو كثير في كلامهم)).
[4] قوله: ((أي)) ليس في (د).
[5] في (د): ((وقاله)).