تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب: هل تكسر الدِّنان التي فيها الخمر أو تخرق الزقاق

          ░32▒ (بَابُ هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الخَمْرُ أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ؟) أي التي فيها الخمر.
          و(الدِّنان) بكسر الدَّال جمع دَنٍّ بفتحها: وهو الخابية، و(الزِّقَاقُ) بكسر الزِّاي جمع زق: وهو السقاء، وجواب (هَلْ) محذوف أي نعم، ولا ضمان على كاسرها ومخرِّقها وإن كانت لمسلم. (فَإِنْ) في نسخة: <وَإِنْ>، وفي أخرى: <وَإِذَا>(1). (كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا) بضمِّ الطَّاء أشهر من فتحها. (أَوْ مَا لاَ يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ) أي ما لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر، كآلات الملاهي، وهذا من عطف العام على الخاص. قال الكرماني: ويحتمل أن يكون أو بمعنى إِلَى، يعني: فإنْ كُسر طنبور(2) إلى حدٍّ(3) لا ينتفع بخشبه، ولا ينتفع(4) بعد الكسر، وجواب الشرط محذوف أي هل يجوز أو يضمن، أو ما حكمه؟ والجمهور على الجواز في غير صليب الذِّمي والمُؤَمَّن لا فيه، وعلى عدم الضَّمان فيما يجوز كسره، نعم إن أمكنه إبطال آلات الملاهي بتفصيلها دون كسرها فكسرها، ضمن التَّفاوت بين قيمتها مفصلة وقيمتها مكسَّرة. والصَّليب مرَّ تفسيره في الباب السَّابق، والصنَّم قال ابن الأثير في باب الصَّاد: ما يُتخذ إلهًا من دون الله، وقيل: ما له جسم أو صورة وإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن، لكنه قال في باب الواو: والوثن(5) كلُّ ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي، يُعمل ويُنصب فيُعبد، والصنم: الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين، وقد يُطلق الوثن على غير الصورة. انتهى، وجزم الجوهري بعدم الفرق بينهما.
          (وَأُتِيَ شُرَيحٌ) أي ابن الحارث الكندي، أي أتاه اثنان. (فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ) ادَّعى أحدُهما على الآخر أنَّه كسر طنبوره. (فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيءٍ) أي بغُرم.


[1] قوله: ((في نسخة: <وَإِنْ>، وفي أخرى: <وَإِذَا>)) ليس في (د).
[2] في (د): ((طنبورًا)).
[3] في (د): ((أحد)).
[4] في (ع) و(ك) و(د): ((ينفع)).
[5] في (د): ((الوثن)).