التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لما صالح رسول الله أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابًا

          2698- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، بُنْدارٌ، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا [خ¦69]، وكذا تَقَدَّم (غُنْدَُرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّدُ بنُ جعفر، وتَقَدَّم أنَّ ابنَ جُرَيج قال له: (يا غُنْدُر)، والغُنْدُر بلغة أهل الحجاز: المشغِّب، وكان قد شغَّب على ابن جُرَيج [خ¦87]، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاق): أنَّه عَمرو بن عبد الله، أبو إسحاق السَّبيعيُّ الهَمْدانيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّم مرارًا.
          قوله: (كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا): سأذكر كُتَّاب النَّبيِّ صلعم الذين كانوا يكتبون عنه الوحي(1) والرَّسائل إن شاء الله تعالى [خ¦2731].
          قوله: (فَقَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُهُ): هو بضَمِّ الحاء، ويجوز فتحُها، يقال: محاه يمحوه ويمحاه؛ لغتان معروفتان.
          قوله: (هُوَ وَأَصْحَابُهُ): اختُلِف في أصحابه في الحديبية كم كانوا، وسأذكر فيهم عشرةَ أقوال؛ والأكثر: كانوا ألفًا وأربعَ مئة؛ لأنَّ خيبر قُسِّمَتْ على ألف وثمان مئة سهمٍ؛ لكلِّ شخص سهمٌ، وكان معهم مئتا فَرَس بأربعِ مئة سهم [خ¦4150] [خ¦4233]، وكان خيبرُ طعمةً لأهل الحديبية؛ لأنَّ الله تعالى وعدهم بها في القرآن.
          قوله: (إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ): (الجُلُبَّان): بضَمِّ الجيم واللَّام، ثمَّ موحَّدة مُشدَّدة، ثمَّ ألف، ثمَّ نون، قال ابن قُرقُول: (كذا في أكثر الأحاديث، وكذا ضبطناه، وكذا صوَّبه ابن قتيبة، ورواه بعض الناس: «جُلْبَان»؛ بإسكان اللَّام، وكذا ذكره الهرويُّ، وصوَّبه هو وثابتٌ، ولم يذكر ثابتٌ / سواه، وهو مثل: «الجُلْبان» الذي من القطانيِّ، وقال بعض المتقِنين: المعروفُ: جُرْبان السَّيف والقميص، ولم يقل شيئًا، وفي «البخاريِّ»: «بجُلُبِّ السِّلاح» [خ¦2700]، فُسِّر «الجُلْبان» في الحديث: «القراب وما فيه» [خ¦2698]، وفي الحديث الآخر: «السَّيف، والقوس، ونحوه» [خ¦2700]، وفي الآخر: «لا يحمل سِلاحًا... إلَّا سُيوفًا» [خ¦2701]، قال الحربيُّ: يريد: جفون السُّيوف، وقال غيره: هو شبه الجراب من الأَدَم يُوضَع فيه السَّيف مغمودًا، ويَطرَح فيه الرَّاكب سوطه، ويعلِّقه من آخرة الرَّحل، وهذا هو القِراب؛ مثل قوله في الحديث الآخر: «القراب وما فيه»؛ أراد: أن لا يدخلوها بسِلاحٍ ظاهرٍ دخولَ المحاربِ القاهرِ من الرِّماح وشبهها، وأمَّا على رواية: «الجُلُبِّ»؛ فقد يكون جمعًا، ولعلَّه بفتح اللَّام، جمع «جُلْبَة»؛ وهي الجلدة التي تُغشِّي القتَب، وقد يُسمَّى بها غيرُها كما سُمِّيت بذلك العُوذَةُ(2) المُجَلَّدةُ، وسُمِّيت بذلك قروفُ الجراح؛ إذا برأت؛ وهي الجلود التي تتقلَّع عنها)، انتهى، واللُّفظ في «النهاية»: ولفظه: (الجُلْبان؛ بضَمِّ الجيم، وسكون اللَّام...) إلى أن قال: (ورواه القُتبيُّ: بضَمِّ الجيم واللَّام، وتشديد الباء) انتهى، وقد رأيت في نسخة صحيحة بـ«البخاريِّ» عُمِلَ فيها ثلاثُ روايات؛ الرِّوايتان المذكورتان: (جُلْبان)، و(جُلُبَّان)، والثَّالثة: (جِلِبان)؛ بكسر الجيم واللَّام بالقلم، وكُتِب على الثالثة: (دار الذَّهب)، لكن ضمَّ الجيمَ واللَّامَ وكَسَرَهما، فالحاصلُ: ثلاث روايات؛ روايتان _كسر الجيم واللَّام وضمُّهما_ لدار الذَّهب، والله أعلم، وقد قَدَّمتُ أنَّ (دار الذَّهب) الظاهر المراد بها: نسخةٌ معروفةٌ عندهم ببغداد، وكأنَّها في دار الذَّهب، والله أعلم.


[1] في (ب): (الوحي عنه).
[2] في النُّسختين: (العورة)، وكتب فوقها في (أ): كذا، والمثبت من مصدره.