التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه

          قوله: (بَابٌ لَا يَأْتِي زَمَنٌ(1) إِلَّا والَّذِي(2) بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ...)؛ الحديث: سُئل الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، فقيل له: ما بالُ زمن عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحَجَّاج، فقال: لا بدَّ للناس من تنفُّسٍ؛ يعني: أنَّ الله ╡ يُنَفِّس عبادَه وقتًا ما، ويكشف البلاء عنهم حينًا، وهذا جوابٌ حسنٌ، وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: (إنَّ / المراد به: في الدين، لا في غيره)، انتهى، كذا أُخبِرتُ عنه، ولم أره في كلامه، وكلا الكلامين(3) في كلِّ واحدٍ منهما مجازٌ، والله أعلم، ثمَّ إنَّي رأيتُ كلامَ ابنِ مسعودٍ رواه البُخاريُّ في غيرِ «الصحيح» عن سُنَيْدٍ: حَدَّثَنَا يحيى بن زكريَّا، عن مجالدٍ(4)، عن الشَّعْبيِّ، عن مسروق، عن عبد الله: «ليس عامٌ إلَّا والذي بعدَه شرٌّ منه، لا أقول: عامٌ أمطرُ مِن عامٍ، ولا عامٌ أخصَبُ مِن عامٍ، ولا أميرٌ خيرٌ مِن أميرٍ، ولكن ذهابُ خياركم وعلمائكم، ثمَّ يحدُثُ قومٌ يقيسون الأمورَ برأيهم، فينهدمُ الإسلامُ وينْثَلمُ»، ويَحتمل أن يكون هذا مرادَ أنسٍ، وهو قريبٌ ممَّا نُقل لي عنِ ابنِ القَيِّمِ، والله أعلم، و(سُنيد): لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا في «صحيحه»، والله أعلم.
          تنبيهٌ: قول العامَّة في الأسواق يعزونه إلى النَّبيِّ صلعم: (كلُّ عامٍ ترذلون)، لا أعرفه أنا حديثًا، ويعطي معناه حديث أنسٍ المتقدِّم، والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (زمان).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (الذي)؛ بلا واو.
[3] في (أ): (الكلامان)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] في (أ): (مجاهد)، والمُثْبَت من المصادر، وهو مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام الكوفي.