مصابيح الجامع الصحيح

باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب

          ░70▒ (باب: البزاق والمخاط)
          إشارة: إن قلتَ: كيف روى مروان ذلك وهو لم يَسْمع الشَّارع ولم يكن بالحديبية؟
          قلتُ: هو من مراسيل الصَّحابة، وهو معتبرٌ اتِّفاقًا، سيَّما إذا انضمَّ بمسند المسْور، ورواية المسور هي الأصل، لكن ضُمَّ إلى رواية مروان للتَّقوية والتَّأكيد.
          إشارة: (الحُدَيْبِيَة) بالتَّخفيف قاله الشافعيُّ، والتَّشديد عند أكثر المحدِّثين، وقال ابن المدينيِّ: أهل المدينة يثقِّلونها، وأهل العراق يخفّفونها.
          وسُمِّيَت ببئرٍ هناك، وقيل: بشجرةٍ حدباءٍ هنالك، وكانت الصَّحابة ═ بايعوا رسول الله صلعم تحت تلك الشَّجرة.
          قوله: (إِلَّا وَقَعَتْ) أي: مَا تنخَّم في حالٍ من الأحوال إلَّا في حال وقوعها في الكفِّ، وهو إمَّا عطفٌ على (خرج)، وإمَّا على الحديث، ثمَّ إمَّا أن يراد أنَّه ما تنخَّم زمن الحديبية إلَّا وقعت، وإمَّا ان يُراد أنَّه ما تنخَّم قطُّ إلَّا وقعت، فلا يختصُّ بزمن الحديبية، والأوَّل أظهر.
          قال بعض الفقهاء: النُّخامة: هو الخارج من الصَّدْر، والبلغم: هُوَ النَّازل من الدِّماغ، وبعضهم عكسوا.
          وتعلَّق هذا الباب بـ(كتاب الوضوء) من حيث أنَّه إذا تبيَّن طهارة النُّخامة يُعْلَم منه أنَّه لو وقعت في الماء لا ينجس الماء، ويجوز الوضوء به.
          أو المراد من (كتاب الوضوء، باب الطَّهارة عن الحدث) ويتبعها الطَّهارة عن الخبث والفحص عن نفس الحدث، والجنب ومعناهما، وهذا هو الجواب عن أمثال هذه الأبواب مثل الباب الَّذي تقدَّم آنفًا وغيره.
          وفي بعض النُّسخ: بدل (كتاب الوضوء) هو (كتاب الطَّهارة).
          ووجه ذكر حديث الحديبية ههنا؛ إمَّا أنَّ أمر التَّنخُّم وقع في الحديبية، وإمَّا أنَّ الرَّوي ساق الحديثين سوقًا واحدًا، أو ذَكَرهما معًا، وكثيرًا مَا يَفْعله المحدِّثون كما في حديث: «نحن الآخرون السَّابقون».