مصابيح الجامع الصحيح

باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

          ░67▒ (باب: ما يقع من النَّجاسات في السَّمن) التَّرجمة
          قوله: (لَا بَأْسَ) أي: لا يتنجَّس الماء بوصول النَّجس إليه قليلًا أو كثيرًا، بل لا بدَّ من تغيُّر أحد الأوصاف الثَّلاثة في تنجسه، والمراد من قوله: (مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ) ما لم يتغيَّر طعمه، فيقول: لا يخلو، إمَّا أن يُراد بالطَّعم المذكور في لفظِ الزُّهريِّ طعم الماء، أو طعم الشَّيء النَّجس، فعلى الأوَّل مَعْناه: ما لم يغيِّر الماء عن حاله الَّتي خُلِقَ عليها طعمه، وتغيير طعمه له لا بدَّ أن يكون بشيءٍ نجسٍ، إذ البحث فيه.
          وعلى الثَّاني: معناه: ما لم يغيِّر الماءُ طعمَ النَّجس، ويلزم منه تغيُّر طعم الماء، إذ لا شكَّ أنَّ الطَّعمَ هو المغيِّرُ للطَّعمِ، واللَّون للَّون، والرِّيح للرِّيح، إذ الغالب أنَّ الشَّيء يؤثر في الملاقي بالشَّبة وجعل الشَّيء متصفًا بوصف نفسه، ولهذا يقال: لا يُسخَن إلَّا الحار، ولا يُبَرَد إلَّا البارد.
          فكأنَّه قال: ما لم يغيِّر طعم الماء طعم الملاقي النَّجس.
          و(لَا بَأسَ) معناه: لا تزول طهوريته ما لم يغيِّره طعم من المطعوم الطَّاهرة أو النَّجسة، نعم، إن كان المغيِّر طعمًا نجسًا ينجِّسه، وإن كان طاهرًا يزيل طهوريته لا طهارته، وفي الجملة ففي اللَّفظ تعقيدٌ.
          قوله: (نَحْوَ الفِيْلِ) بجرِّ (نحو) ويجوز النَّصب.
          قوله: (لَا بَأسَ بِرِيْشِ المَيْتَةِ) أي: ليس نجسًا، فلذا الماء الَّذي وقع ريشها فيه، ولا فرق بين ريش المأكول وغيره عنده.
          قوله: (غَيْرُهُ) يُحتمَل أن يريد به مَا هو من جنْسه من الَّذي لا تؤثِّر الذَّكاة فيهِ؛ أي: ما لا يُؤكَل لحمه، وأن يريد أعمُّ من ذلك؛ أي: كثيرًا.
          قوله: (بَأْسًا) التَّنْوين للتَّنكير، إذ المقام يَقْتضيه، نحو: إنَّ لنا مالًا.
          قوله: (يَدَّهِنُوْنَ) هو من باب الافتعال، أصله: يَدْتهنون؛ قُلِبَت التَّاء دالًا، فأدغم الدَّال في الدَّال، انتهى كلام الكرمانيِّ.
          وقال ابن الملقِّن: يجوز في قراءته ضمُّ الياء وإسكان الدَّال؛ أي: يُدْهنون رؤوسَهم ولحاهم ونحو ذلك.
          ثانيًا: تشديد الدَّال وفتح الهاء.
          ثالثًا: فتح الدَّال وتشديدها وكسر الهاء من (ادَّهن).
          قال السَّفاقسيُّ: وهو ما رويناه، وقدَّم الأوَّل، وقال الآخران جائزان.
          قوله: (إِبْرَاهِيْمُ) قال سيِّدي: الظَّاهر أنَّه النَّخعيُّ، وجزم به الكرمانيُّ.