مصابيح الجامع الصحيح

باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين

          ░34▒ (باب: من لم يرَ الوضوء إلَّا من المخرجين)
          إن قلتَ: للوضوء أسبابٌ أُخَر مثل النَّوم وغيره، فكيف حصر عليهما؟
          قلتُ: الحصر إنَّما هو بالنَظر إلى اعتقاد الخصم، إذ هو ردٌّ لما اعتقده، والاستثناء مفرغ، فمعناه: من لم ير الوضوء من الخروج من مخرج من مخارج البدن إلَّا من هذين المخرجين، وهو ردٌّ لمن رأى أنَّ الخارج من البدن بالفصد مثلًا ناقضٌ للوضوء، فكأنَّه قال: من لم يرَ الوضوء إلَّا من المخرجين لا من مخرجٍ آخر كالفصد كما هو اعتقاد الشَّافعيِّ.
          قوله: (وَقالَ عَطَاءٌ) وفيما تقدَّم قال: (كان عطاءٌ) فههنا أخبر عن افتائه، وفيما تقدَّم عن اجتهاده، أو هو تفنن في الكلام.
          قوله: (لَا وُضُوْءَ إلَّا مِنْ حَدَثٍ) إن قلتَ: هذا قول كلِّ الأمَّةِ، فما وجه تخصيصه بأبي هريرة؟
          قلتُ: إنَّه يفسِّر الحدث بالضَّرطة؛ أي: بنحوها من الخارج عن المعتاد، فمعناه: لا وضوء إلَّا من الخارج من السَّبيلين. /
          قوله: (وَمُحَمَّدٌ بْنُ عَلِيٍّ) هو الباقر، ويُحتمَل أن يريد به: ابن الحنفيَّة، انتهى.
          والظَّاهر الأوَّل، انتهى.
          وقال شيخنا: هو الباقر، وعزاه لفوائد سمُّويه، ووالدي تحيَّر فيه كالكرمانيِّ.
          قوله: (إلَّا غَسْلُ مَحَاجِمِهِ) قال الكرمانيُّ: في بعضها فَقْدُ لفظ (إلَّا) والنُّسخة الواحدة هي الصَّحيحة لا الفاقدة، وقال غير الكرمانيِّ هكذا رواه المُستملي بإثبات إلَّا، ورواه الكشميهني وأكثر الرُّواة بغير إلَّا، والمعروف عن ابن عمر والحسين أنَّ عليًّا غسل محاجمه؛ ذكره ابن المنذر، فرواية المستملي هي الصَّواب.