مصابيح الجامع الصحيح

باب

          ░11▒ (باب) بغير ترجمة
          هذا الباب لا بدَّ له من تعلُّق بمباحث الإيمان ومناسبة بينهما، فذلك إمَّا للإعلام بأنَّ المتابعة لم تقع إلَّا على ذكر التَّوحيد أوَّل كلِّ شيء إشعارًا بأنَّه هو أساس الأمور الإيمانيَّة، أو بأنَّ ترك المنهيَّات داخلٌ في المبايعة الَّتي هي شعار الإيمان، وإمَّا القصد إلى بيان أحكام المؤمنين من الأجر والعقاب والعفو، وله أيضًا تعلُّقٌ بحبِّ الأنصار من حيث أنَّ النُّقباء كانوا منهم، ولمبايعتهم أثر عظيم في إعلاء كلمة الدِّين، فلا بدَّ من محبَّتهم، والله سبحانه أعلم.
          وقال الزَّركشيُّ: وجه مطابقة حديث عبادةَ التَّرجمة التَّنبيه على المعنى الَّذي استحقَّ الأنصار هذه المنزلة، وهو ما لهم من السَّبق إلى الإسلام بالمبايعة.
          وقال ابن الملقِّن: ذكر البخاريُّ هذا الحديث هنا لأنَّ الأنصار لهم من السَّبق إلى الإسلام بهذه المبايعة الَّتي عُقِدَت على الإسلام، مع أنَّ المهاجرين كانوا أسلموا أو لم يبايعوا مثلها، فالأنصار هو المبتدئون بالبيعة على إعلاء توحيد الله تعالى وشريعته، فحبُّهم علامة الإيمان كما سلف في الحديث السَّالف مجازاة لهم على حبِّهم من هاجر إليهم ومواساتهم في أموالهم كما وصفهم تعالى، واتِّباعًا لحبِّ الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران:31]، وكان الأنصار ممَّن تبعه أوَّلًا؛ فوجب لهم محبَّة الله، / ومن أحبَّه الله وجب على العباد حبُّه.