مصابيح الجامع الصحيح

باب أمور الإيمان

          ░3▒ (بَابُ أُمُورِ الإِيْمَانِ)
          (أُمُورِ الإِيْمَانِ) المراد منه الأمور الَّتي هي الإيمان؛ لأنَّ الأعمال عنده والأقوال هي الإيمان فالإضافة بيانيَّة أو الأمور الَّتي للإيمان في تحقيق حقيقته، وتكميل ذاته فالإضافة بمعنى اللَّام.
          قوله: (وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {لَيْسَ البِرَّ} [البقرة:177] الآية) أشار البخاريُّ بالآية إلى أصل الحديث، وهو عند عبد الرَّزَّاق من طريق مجاهد: (أنَّ أبا ذرٍّ ╩ سأل النَّبيَّ صلعم عن الإيمان؛ فتلى عليه: {ليس البرَّ} إلى آخرها) ورجاله ثقاتٌ، ومناسبة الآية لحديث الباب أنَّ الآية حصرت التَّقوى على أصحاب هذه الصِّفات والأعمال، والمراد: المتَّقون من الشِّرك والأعمال السَّيِّئة، فإذا فعلوا أو تركوا؛ فهم المؤمنون الكاملون بالجامع بين الآية والحديث أنَّ الأعمال مع انضمامها إلى التَّصديق داخلةٌ في مسمَّى (البرِّ)، والحديث ليس فيه التَّصديق، وهو في «مسلمٍ» و «البخاريِّ» يكثر الاستدلال بالمتن الَّذي يذكر أصله، ولم يسقْه تامًّا؛ قاله شيخنا.
          وقال الكرمانيُّ: وجه الاستشهاد بالآية أنَّها حَصَرت المتَّقين على أصحاب هذه الصِّفات والأعمال، والمراد المتَّقون من الشِّرك، وهم المؤمنون، أو هم المؤمنون الكاملون.
          قال ابن بطَّال: التَّصديق أوَّل منازل الإيمان والاستكمال إنَّما هو بهذه الأمور، وأراد البخاريُّ الاستكمال؛ ولهذا بوَّب أبوابه عليه، فقال: (باب أمور الإيمان)، (باب الجهاد من الإيمان)، (باب الصَّلاة من الإيمان).
          والآية الثَّانية: وهي{قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُوْنَ} [المؤمنون:1] فعلِم منها أنَّ الإيمان الَّذي به الفلاح والنَّجاة الإيمان الَّذي فيه هذه الأعمال، و(أَفْلَحَ) دخل في الفلاح، وهو لازمٌ.