تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب من أحيا أرضًا مواتًا

          ░15▒ (بَابُ مَنْ أَحْيَا) أي من المسلمين. (أَرْضًا مَوَاتًا) أي فهي له(1)، وهي أرض غير معمورة في الإسلام ولا هي حريم لمعمور فيه. (وَرَأَى ذَلِكَ) أي إحياء الموات (فِي أَرْضِ الخَرَابِ بِالكُوفَةِ) أي <مَوَاتٌ> كما في نسخة(2)، وفي أخرى: <فِي أَرْضٍ بِالكُوْفَةِ مَوَاْتًا>. (فَهِيَ لَهُ) وإن لم يأذن له الإمام في الإحياء. (وَيُرْوَى عَنْ عَمرِو بْنِ عَوْفٍ) بفتح العين وسكون الميم وبالواو وحذف ألف (ابْنِ)، وفي نسخة بضمِّ العين وفتح الميم وإثبات ألف (ابْنِ)، والواو قبلها عاطفة، واسم ابن عوف: عمرو، فالمعنى ويُروى عن عمر بن الخطَّاب، وعمرو بن عوف، ومع هذا فالصَّحيح كما قال الكرماني: إنَّه عمرو بفتح العين، بل قال شيخنا: إنَّه بالضَّمِّ تصحيف.
          (عَنِ النَّبِيِّ صلعم) أي مثل حديث عمر السَّابق. (وَقَالَ) أي وزاد عمر(3) بن عوف (فِي غَيرِ حَقِّ مُسْلِمٍ) أي فإن كان فيه حَرُم الإحياء، وعطف على (فِي غَيرِ حَقِّ مُسْلِمٍ) قولَه: (وَلَيسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ) بتنوين عِرْق وبتركه على الإضافة، فنسبة(4) الظُّلم للظالم وهو المحيي على هذا حقيقية، وللعرق على الأوَّل مجازيَّة، فإن قدرت: وليس لذي عرق ظالم كانت النسبة حقيقة إن جعلت لذي(5) ومجازيَّة إن جعلت لعرق، وعن ربيعة وغيره: العروق أربعة: عرقان ظاهران وهما: النبات والغراس، وعرقان باطنان وهما: المياه والمعادن. (فِيهِ) أي في إبقاء ما أُحيي بذلك مِن غرس وغيره وهو ظرف لقوله: (حَقٌّ) أي لا حقَّ له في ذلك، وإن جُعل ضمير (فِيهِ) للإحياء صحَّ أن يكون ظرفًا لظالم أيضًا.
          (وَيُرْوَى فِيهِ) أي في الباب. (عَنِ النَّبيِّ صلعم) أي(6) أنَّه قال: ((مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ)) (7)، وعبَّر بلفظ (يُرْوَى) المقتضي للتمريض لأنَّه اختلف فيه على هشام فرواه عنه عباد هكذا موصولًا، ورواه عنه يحيى القطَّان وغيره عن ابن رافع عن جابر مرسلًا، وعلى عروة فرواه عنه أيُّوب عَن هِشَامٍ موصولًا، ورواه عنه يحيى ابنه مرسلًا.


[1] زاد في (ك): ((وإن)). في (ح): ((وإن لم يأذن له الإمام)) ولكنه ضرب عليها.
[2] زاد في حاشية (د): ((ميتة بتشديد الياء)).
[3] في (ع) و(د): ((عمرو)).
[4] في (د): ((فنسبته)).
[5] قوله: ((عرق ظالم كانت النسبة حقيقة إن جعلت لذي)) ليس في (ع).
[6] قوله: ((أي)) ليس في (د).
[7] أخرجه أبي داود3073، 3074. الترمذي1378، 1379. أحمد14677.