التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الصلاة في كسوف القمر

          قوله: (بَابُ الصَّلاةِ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ): فائدةٌ: سمعت مِن بعض مشايخي في الحديث والفقه من أهل حلبَ _وهو الإمام العلَّامة كمال الدِّين أبو حفص عمر بن الشَّيخ تقيِّ الدِّين إبراهيم ابن العجميِّ_ يقول: (كسوف القمر يتَّفق كثيرًا، وقلَّ سنةٌ تمضي إلَّا وينكسف فيها القمر، ولكن لم يصحَّ في حديث: أنَّه صلعم صلَّى لخسوف(1) القمر)، هذا كلامه أو معنى كلامه، انتهى، وكذا قال غيره؛ كابن القيِّم في «الهدي»، وعبارته: (وانكسف القمر على عهد رسول الله صلعم دفعاتٍ كثيرةً، ولم يُنقَل أنَّه صلَّاها في جماعة، ولا أنَّه دعا إلى ذلك)، قال شيخنا الشَّارح: (ومِن الغريب قولُ ابن رُشْد: «إنَّه لم يُروَ أنَّه صلعم صلَّى في كسوف القمر مع كثرة دورانه»، وقد أسلفنا مِن طريقٍ هناك أنَّه صلَّى فيه)؛ يريد بذلك: ما رواه الدَّارقطنيُّ عن عروة عن عائشة ♦: (أنَّه ╕ كان يصلِّي في كسوف الشَّمس(2) والقمر(3) أربعَ ركعات، وأربع سجدات، ويقرأ في الأولى: بالعنكبوت أو الرُّوم، وفي الثَّانية: بياسين)، فيه إسحاقُ بن راشد، وهو من رجال البخاريِّ والأربعة، صدوق، انتهى، قال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» عقب حديث عائشة: (وذِكرُ القمر غريبٌ) انتهى، قال شيخنا المؤلِّف: (وروى الدَّارقطنيُّ أيضًا من حديث ابن عبَّاس ☻: أنَّه ◙ صلَّى في كسوف القمر والشمس ثماني ركعات في أربع سجدات) انتهى.
          وقد روى الحسن البصريُّ قال: (خَسَف القمرُ وابن عبَّاس أمير بالبصرة، فصلَّى بنا ركعتين، في كلِّ ركعة ركعتان، فلمَّا فرغ؛ ركب وخَطَبَنا، فقال: صلَّيت بكم كما رأيت رسول الله صلعم يصلِّي)، رواه الشَّافعيُّ في «مسنده»، قال ابنُ المدينيِّ _كما نقله العلائيُّ في «المراسيل»_: (إنَّه لم يَسمَع من ابن عبَّاس)، وكذا قال بَهْزُ بنُ أَسَد(4)، وأحمدُ ابنُ حنبل، ويحيى بنُ مَعِين، قال ابنُ المدينيِّ في(5) قول الحسن: (خَطَبَنا ابنُ عبَّاس بالبصرة): (إنَّما هو كقول ثابت: قَدِم علينا عِمرانُ بن حُصَين، ومثل قول مجاهد: قدم علينا عليٌّ، وكقول الحسن: إنَّ سراقة بن مالك بن جُعشم حدَّثهم، وقولِه: غزا بنا مجاشع بن مسعود).
          وقد تقدَّم [خ¦16/1-1649] أنَّ شيخي العراقيَّ قال في «سيرته» المنظومة:
وَقِيْلَ فِي الخَمْسِ وَفِيهِ نَزَلَتْ                     آيُ الحِجَابِ وَالخُسُوفُ صُلِّيَتْ
لِقَمَرٍ وَفِيهِ غَزْوُ الخَنْدَقِ                     مَعَ قُرَيْظَةٍ مَعَ المُصْطَلَقِ
          لكن قال في أوَّل هذه «السِّيرة» ما لفظه: [من الرَّجز]
وَلْيَعْلَمِ الطَّالِبُ أَنَّ السِّيَرَا                     تَجْمَعُ مَا صَحَّ وَمَا قَدْ أُنْكِرَا
          انتهى، وقال مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»: (وفي جمادى الآخرة _يعني: سنة خمس_ خُسِفَ القمرُ، وصلَّى صلاة الخسوف).


[1] في (ج): (بخسوف).
[2] (الشمس): ليس في (ج).
[3] في (ج): (القمر).
[4] في (ب): (راشد).
[5] (في): ليس في (ب).