التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

          6921- قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان، الظاهر أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ وذلك لأنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ ذكر في ترجمة خلَّاد بن يحيى أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر ابن عُيَيْنَة في مشايخه، وقد روى هذا الحديث أيضًا قَبِيصة _وهو ابنُ عُقبة_ عن سفيان، وقد ذكر عَبْد الغَنيِّ الثَّوريَّ في مشايخه، ولم يذكرِ ابنَ عُيَيْنَة فيهم، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «التذهيب»؛ فإنَّه قال في مشايخه: (سفيان)، وأَطْلَق، والله أعلم، و(مَنْصُور): هو ابنُ المُعتَمِر، و(الأَعْمَش): سليمانُ بن مِهْرَان، و(أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة.
          قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ؟): في «صحيح مسلم» من حديث ابن مسعود أيضًا قال: (قال أُناسٌ لرسول الله صلعم: أَنُؤَاخَذُ بما عَمِلْنا في الجاهليَّةِ؟)، ثمَّ ساقه من طريق أُخرى من حديثه، قال: (قلنا: يا رسول الله، أَنُؤاخَذُ بما عملنا في الجاهليَّة؟)، فلعلَّ عبد الله بن مسعود هو السَّائل أو هو منهم، والله أعلم.
          قوله: (مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ): قال جماعةٌ: الإحسانُ هنا: الدُّخولُ في الإسلام بالظاهر والباطن، ويكون مسلمًا حقيقيًا(1)، فهذا يُغفَر له ما سلف في الكفر بنصِّ القرآنِ والحديثِ الصَّحيح: «الإسلامُ يهدم ما قبله»، وبالإجماعِ، والمرادُ بالإساءة في الإسلام: هو عدمُ دخولِه فيه بقلبه، بل يكونُ مُنْقَادًا في الظاهر مُظهِرًا للشَّهادتَين غيرَ مُعتَقِدٍ للإسلام بقلبه، فهذا منافقٌ باقٍ على كفره بالإجماع، فيُؤاخَذُ بما عمل في الجاهليَّة قبل إظهار صُورة الإسلام، وبما عمل بعدَ إظهارها؛ لأنَّه مُستَمِرٌّ على كفره، وهذا مَعْرُوفٌ في استعمال الشرع، يقولون: حَسُنَ إسلامُ فلان؛ إذا دخل فيه حقيقةً بإخلاص، وساءَ إسلامُه أو لم يحسُن؛ إذا لم يكن كذلك، والله أعلم.
          قوله: (وَالآخِرِ): هو بكسر الخاء، وهذا ظاهِرٌ.


[1] في (أ): (حقيقًا).