مصابيح الجامع الصحيح

باب: في الركاز الخمس

          ░66▒ (ابْنُ إِدْرِيسَ) البَيْهقيُّ: أراد به محمَّد بن إدريس الشَّافعيُّ.
          و(الرِّكَازُ) هو المال المَدْفون تحت الأرض.
          و(الدِّفنُ) بكسر الدَّال؛ المَدْفون.
          و(قَلِيْلِهِ) أي: ما لم يَبْلغ النِّصاب.
          و(كَثِيْرِهِ) ما بلغ، وهو القول القديم له، وأمَّا في الجديد؛ فاشترط النِّصاب فيه، وليس المعدن بركاز، فيجب فيه ربع العشر لا الخمس؛ لأنَّه يحتاج إلى عمل ومعالجة واستخراج بخلاف الرِّكاز، وقد جرت السُّنَّة أنَّ ما غلظت مؤونته خفِّف عنه في قدر الزَّكاة، وما خفِّف زيد فيه، وسمِّيت بـ(المعدن)؛ لإقامة التِّبر فيه، و(العدون) الإقامة، وقيل: إنَّما جُعِلَ في الرِّكاز الخمس؛ لأنَّه مال كافر، فأنزل واجده منزلة الغانم، وكان له أربعة أخماسه.
          (خَمْسَةً) أي: خمسة دراهم، وهو ربع العشر.
          و(السِّلْمِ) بكسر السِّين وسكون اللَّام: الصُّلْح، وهو متناول لدار الإسلام ودار العهد والأمان.
          و(فِيْهِ الزَّكَاةُ)؛ أي: المَعْهودة في النَّقد، وهو ربع العشر، وعموم الحديث وهو في الزَّكاة الخمس دافع لهذا التَّفصيل.
          (اللُّقطَةَ) بفتح القاف وسكونها، لكنَّ القياس أن يقال: بالفتح: اللَّاقط، وبالسُّكون: الملقوط.
          و(إِنْ كَانَتْ) أي: اللُّقطة من مال العدوِّ فلا يحتاج إلى التَّعريف، بل يملكها، ويجب فيها الخمس، ولا يكون لها حكم اللُّقطة، بخلاف ما كانت في أرض العدوِّ المحتملة لكونها للمسلمين.
          (بَعْضُ النَّاسِ) قيل: أراد به أبا حنيفة، ومذهبه أنَّه يجب في المعدن أيضًا الخمس.
          و(أَرْكَزَ) بلفظ معروف الماضي.
          و(أَرْكَزْتَ) بلفظ الخطاب؛ أي: فيلزم عليه أن يقول: أنَّ الموهوب والرِّبح والثَّمر كلُّ واحد يفيد ركاز، ويوجب فيه أيضًا الخمس، وهو خلاف الإجماع، على أنَّه لا خمس فيه، بل ربع العشر، وإن كان يقال فيه: أركز؛ فاختلف الحكم، وإن اتَّفقت التَّسمية.
          (ثُمَّ نَاقَضَ) هذا إلزام آخر، ووجه المناقضة أنَّه قال أوَّلًا: المعدن يجب فيه الخمس؛ لأنَّه ركاز، وقال: ما يناله فلان لا يؤدِّي الخمس في الرِّكاز، وهو متناول للمعدن.
          (يَكْتُمَهُ) أي: عن السَّاعي حتَّى لا يطالبه.
          ثمَّ قال الطَّحاويُّ: قال أبو حنيفة: من وجد ركازًا؛ فلا بأس أن يعطي الخمس للمساكين وإن كان محتاجًا جاز له أن يأخذ لنفسه، وقال صاحب «الهداية» : قال ◙: «في الرِّكاز الخمس»، وهو من الرَّكز، فانطلق على المَعْدن، وقال أيضًا فيه: ولو وجد في داره مَعْدنًا؛ ليس فيه شيء فللاعتراض الأوَّل نقض الدَّليل، والثَّاني نقض الحكم.
          ابن بطَّال: قال أبو حنيفة: المعدن كالرِّكاز فيه الخمس، واحتجَّ بقول العرب: أركز الرَّجل؛ إذا أصاب ركازًا، وهو قطعة من الذَّهب تخرج من المعدن.
          قال: وما ألزمه البخاريُّ أبا حنيفة بقولهم أيضًا: أركزتُ؛ إذا وجدتُ ركازًا خطابًا لمن وهب له الشَّيء ونحوه، فهي حجَّة قاطعة؛ لأنَّ اشتراك المسمَّيات في الأسماء لا تدلُّ على اشتراكها في الأحكام، إلَّا أن يوجب ذلك ما يجب التَّسليم له.
          وأمَّا قول البخاريِّ أنَّه ناقضه؛ فهو تعسُّف، إذ مراده ممَّا حكاه الطَّحاويُّ: أنَّ له أن يأخذه لنفسه عوضًا ممَّا له من الحقوق في بيت المال، لا أنَّه أسقط الخمس من المعدن بعدما أوجبه.