مصابيح الجامع الصحيح

باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة

          ░64▒ (صَلِّ) أي: ترحَّم عليه واغفر، إذ الصَّلاة من الله مَغْفرة، ومن غيره استغفار، وهذا كان من رسول الله صلعم امتثالًا لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التَّوبة:103]؛ أي: استغفر لهم، ولا يحسن لغيره صلعم أن يقول: اللَّهمَّ صلِّ على فلان إلا على رسول الله صلعم.
          أصحابنا: لا يُصلَّى على غير الأنبياء إلَّا تبعًا كما أنَّ (╡) مخصوص بالله، وكما لا يقال: محمَّد ╡، وإن كان عزيزًا جليلًا، لا يقال: أبو بكر صلعم، وإن صحَّ المعنى.
          واختلفوا فيه؛ هل هو حرام أم مكروه أو أدب؟ على ثلاثة أوجه، الأصحُّ أنَّه مكروه، ويستحبُّ للسَّاعي الدُّعاء للمالك بأن يقول: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، أو يقول: اللَّهمَّ تقبَّل منه واغفر له ونحو ذلك، وقال الظَّاهريَّة: الدُّعاء واجب.
          ابن بطَّال: مَعْناه: صلِّ عليهم إذا ماتوا صلاة الجنائز؛ لأنَّها في الشَّريعة محمولة على الصَّلاة؛ أي: العبادة المفتتحة بالتَّكبير المختتمة بالتَّسليم، أو أنَّه من خصائصه ◙؛ لأنَّه لم يَنْقل أحد أنَّه أمر السُّعاة بذلك، ولو كان واجبًا؛ لأمرهم به ولعلَّمهم كيفيَّته، وبالقياس على استثناء سائر الحقوق، إذ لا يجب الدُّعاء فيه.
          الخطَّابيُّ: أصل الصَّلاة في اللُّغة: الدُّعاء، إلَّا أنَّ الدُّعاء يختلف بحسب المدعوِّ له، فصلاته لأمَّته دعاء لهم بالمَغْفرة، وصلاة الأمَّة له دعاء له بزيادة القُربة والزُّلفة، وهذه لا تليق بغيره.