هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من كتاب التوحيد

           من كتاب التوحيد
          الحَدِيْثُ السَّابِعُ والمائة [خ¦7428] : قالَ البُخَارِيُّ: وَقالَ الْمَاجِشُوْنَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الفَضْلِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، في حَدِيْثٍ أَوَّلُهُ: «لَا تُفَاضِلُوْا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا بِمُوْسَى آخِذٌ بِالعَرْشِ»اختصرَهُ، وتعقَّبَهُ أبو مَسْعُوْدٍ بأنَّ المعروفَ رِوَايَةُ الْمَاجِشُوْنَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الفَضْلِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وقد تكلَّمْنَا عليهِ في الفصلِ الذي مَضَى في أحكامِ التَّعْلِيْقِ بِمَا يُغْنِي عن الإعادةِ.
          الحَدِيْثُ الثَّامِنُ والمائة [خ¦7475] : قالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيْمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللهُ»الحَدِيْثُ.
          قالَ أَبُوْ مَسْعُوْدٍ: سقطَ مِنْهُ رجلٌ بينَ إبْرَاهِيْمَ بْنِ سَعْدٍ، والزُّهْرِيِّ، وقد رَوَاهُ مُسْلِمٌ على الصَّوَابِ عَنْ عَمْرُو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، وَغَيْرِهِ عن يَعْقُوْبَ بْنِ إبْرَاهِيْمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ التَّاسِعُ والمائة(م) [خ¦7480] : حَدِيْثُ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ الشَّاعِرِ عَنْ عَبْدِ اللهِ في قِصَّةِ حِصَارِ الطَّائِفِ اخْتُلِفَ فيهِ على ابْنِ عُيَيْنَةَ في اسمِ والدِ عَبْدِ اللهِ هَلْ هو عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أو عَمْرُو بْنُ العَاصِ؟ فوقعَ في أكثرِ النُّسَخِ من ((صحيحِ البُخَارِيِّ)): عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ، وفي بعضها ابْنُ عَمْرٍو، وقالَ أَبُوْ نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: أخرجهُ الحُمَيْدِيُّ، وأَبُوْ خَيْثَمَةَ في ((مُسنديهِمَا)) في / مسندِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وقالَ أَبُوْ عَوَانَةَ الإسْفَرَايِّنِيُّ: رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يفهمُ ويضبطُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ كذلِكَ، وكذا كانَ يقولُ قُدَمَاءُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عنهُ، والمتأخرونَ مِنْهُمْ يقولونَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، ومنهم من لا يَنْسِبُهُ، كذا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، والاضطرابُ فيهِ مِنْ سُفْيَانَ.
          وقالَ أَبُوْ عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: حَدَّثَ بهِ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرُو فَرَدَّ ذلكَ عليهِ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ فرجعَ إليهِ، وصَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ في ((العِلَلِ)) قولَ مَنْ قَالَ: ابْنُ عُمَرَ.
          قلتُ: ليسَ في التعليلِ بذلِكَ كبيرُ تأثِيْرٍ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ العاشِرُ والمائة(م) [خ¦7452] : أخرجَ البُخَارِيُّ في أواخرِ الكِتَابِ حَدِيْثَ شَرِيْكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ في الْإِسْرَاءِ بِطُولِهِ، وقد خالفَ فيهِ شَرِيْكٌ أَصْحَابَ أَنَسٍ في إسنادِهِ ومَتْنِهِ، أما الإسنادُ فإنَّ قَتَادَةَ يَجْعَلُهُ عَنْ أَنَسِ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، والزُّهْرِيُّ يجعلُهُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وثَابِتٌ يجعلَهُ عَنْ أَنَسٍ من غيرِ واسطَةٍ لكنَّ سَيَاقَ ثابتٍ لا مُخُالَفَةَ بينَهُ [234/ب] وبينَ سِيَاقِ قَتَادَةَ والزُّهْرِيِّ، وسياقُ شَرِيْكٍ يُخَالِفُهُمْ في التقديمِ والتأخِيْرِ، والزِّيَادَةِ المنكرةِ، وقد أخرجَ مُسْلِمٌ إسنادَهُ فقط تِلْوَ حَدِيْثِ ثَابِتٍ وَقَالَ في آخرِهِ: فزادَ، ونقصَ، وقدَّمَ، وَأَخَّرَ، وتكلَّمَ ابْنُ حَزْمٍ والقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا على حَدِيْثِ شَرِيْكٍ هذا، وانتصرَ لهُ جَمَاعَةٌ منهم أبو الفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ فصنَّفَ فيهِ جُزْءَاً وسنذكرُ ما يتعلقُ بِهِ مستوفىً عِنْدَ الكلامِ عليهِ إنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى في موضِعِهِ.
          هذا جميعُ ما تَعَقَّبَهُ الحفَّاظُ النُّقَادُ العارفونَ بِعِلَلِ الأسانيدِ، الْمُطَّلِعُوْنَ على خَفَايَا الطُّرُقِ، وليستْ كُلُّهَا من أفرادِ البُخَارِيِّ بل شَارَكَهُ مُسْلِمٌ في كَثِيْرٍ مِنْهَا كَمَا تَرَاهُ واضِحَاً، ومَرْقُوْمَاً عليهِ رَقْمَ مُسْلِمٍ وهو صورةُ (م) وعِدَّةُ ذلكَ اثْنَانِ وثَلَاثُوْنَ حَدِيْثَاً فَأَفْرَادُهُ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وسَبْعُوْنَ فقط، وليستْ كُلُّهَا قَادِحَةً بل أكثرُهَا الجوابُ عنهُ ظاهرٌ والقدحُ فيهِ مُنْدَفِعٌ، وبَعْضُهَا الجوابُ عَنْهُ مُحْتَمَلٌ، واليسيرُ مِنْهُ في الجوابِ عَنْهُ تَعَسُّفٌ كَمَا شَرَحْتُهُ مُجْمَلَاً في أَوَّلِ الفَصْلِ، وأوضحتُهُ مُبَيِّنَاً إِثْرَ كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهَا، فإذا تأمَّلَ الْمُنْصِفُ ما حَررتُهُ من ذلكَ عَظُمَ مِقْدَارُ هذا الْمُصَنِّفِ في نفسِهِ وَجَلَّ تَصْنِيْفُهُ في عَيْنِهِ، وعَذَرَ الأئمَّةَ من أهلِ العلمِ في تَلَقِّيْهِ بالقبولِ والتَّسْلِيْمِ، وتقديْمِهِمِ له على كل مُصَنَّفٍ في الحَدِيْثِ والقديمِ، وليسا سَوَاءً مَنْ يدفعُ بالصدرِ فلا يأمَنُ دعوى العصبيةِ، ومنْ يدفعُ بيدِ الإنصافِ على القواعدِ الْمَرْضِيَّةِ، والضَّوَابِطِ الْمَرْعِيَّةِ، فللهِ الْحَمْدُ الذي هَدَانا لهذا وَمَا كنا لنهتدِيَ لولا أنْ هَدَانَا اللهُ، واللهُ المستعانُ، وعليه التُّكْلَانُ.
          وأمَّا سياقُ الأحاديثِ الَّتي لم يَتَتَبَّعْهَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وهي على شرطِهِ في تتبُّعِهِ من هذا الكِتَابِ فقدْ أَوْرَدْتُهَا [في أَمَاكِنِهَا مِنَ الشَّرْحِ](1) لتكميلِ الفَائِدَةِ مع التنبيهِ على مواقِعِ الأجوبةِ المستقيمةِ كَمَا تَقَدَّمَ لئلا يَسْتَدْرِكَهَا مَنْ لا يفهمُ، وإنما اقتصرتُ على ما ذَكَرْتُهُ عن الدَّارَقُطْنِيِّ على الاستيعابِ فإني أردتُ أن يكونَ عُنْوَانَاً لِغَيْرِهِ؛ لأنَّهُ الإمامُ الْمُقَدَّمُ في هذا الفنِ، وكِتَابُهُ في هذه النوعِ أَوْسَعُ وأَوْعَبُ، وقد ذكرتُ في أثناءِ ما ذَكَرَهُ عَنْ غَيْرِهِ قليلاً على سبيلِ الأمثلةِ، واللهُ أعلمُ.


[1] في ت: هنا.