هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من المناقب

           من المناقب
          الحَدِيْثُ الرَّابِعُ وَالخَمْسُوْنَ [خ¦3504] : قالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُوْ نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ح) قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوْبُ بْنُ إبْرَاهِيْمَ هو ابنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيْهِ حَدَّثَنِي الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم: «قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَأَشْجَعُ، وَغِفَارٌ مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلىً دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ»وتَعَقَّبَهُ أبو مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ بأنَّ رِوَايَةَ يَعْقُوْبَ تُخَالِفُ رِوَايَةَ سُفْيَانَ؛ لأنَّ يَعْقُوْبَ إنَّمَا يرويهِ عن أَبِيْهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظِ: «غِفَارٌ، وَأَسْلَمُ، وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ»وكذا أخرجهُ مُسْلِمٌ.
          قلتُ: وهو تعقُّبٌ غيرُ جيدٍ؛ لأنَّ يَعْقُوْبَ يحتملُ أنْ يكونَ رَوَى الحَدِيْثُيْنِ جميعاً عَنْ أَبِيْهِ فالأَوَّلُ الذي أخرجَهُ البُخَارِيُّ شَارَكَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ في روايتهِ فَرَوَاهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيْمَ والدِ إبْرَاهِيْمَ بْنِ سَعْدٍ، والثَّاني الذي أخرجَهُ مُسْلِمٌ رَوَاهُ عن أَبِيْهِ عَنْ صَالِحٍ مُنْفَرِدَاً بِهِ، واللهُ أعلمُ.
          الحَدِيْثُ الخَامِسُ وَالخَمْسُوْنَ [خ¦3692] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوْبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻: «صَحِبْتَ النَّبِيَّ صلعم فَأَحْسَنْتَ صُحَبَتَهُ»، الحَدِيْثُ.
          وَرَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوْبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ليسَ فيه المِسْوَرُ.
          قلتُ: طريقُ حَمَّادٍ أَسَنَدَهَا الإِسْمَاعِيْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وقد أشارَ إِلَيْهِمْ البُخَارِيُّ، وابنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قد صَحَّ سماعُهُ من ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنَ المِسْوَرِ جَميعاً، والمِسْوَرُ قد حَضَرَ القصةَ، فالظاهرُ أنَّ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ رَوَاهُ عن كُلٍّ مِنْهُمَا، واللهُ أعلم. /
          الحَدِيْثُ السَّادِسُ وَالخَمْسَوْنَ [خ¦3718] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ مَرْوَانَ عَنْ عُثْمَانَ في فَضِيْلَةِ الزُّبَيْرِ، وقد اختلفَ في لفظِهِ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وأَبُوْ أُسَامَةَ. [خ¦3973]
          قلتُ: البُخَارِيُّ أخرجَهُ مِنْ حَدِيْثِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَأَبِي أُسَامَةَ جَميعاً، وليسَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ يُوْجِبُ تَعليلاً كَمَا سيأتي في مناقبِ الزُّبَيْرِ إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى.
          الحَدِيْثُ السَّابِعُ وَالخَمْسُوْنَ [خ¦3726] : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أخرجَ البُخَارِيُّ عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إبْرَاهِيْمَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: [225/ب] لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَأَنَا ثُلْثُ الْإِسْلَامِ.وقدْ خالفَهُ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وأَبُوْ أُسَامَةَ، رووهُ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ سَعِيْدِ بْنِ المُسَيَّبِ عَنْ سَعْدٍ.
          قلتُ: قدْ أخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ إِثْرَ حَدِيْثِ مَكِّيٍّ، وعَلَّقَ حَدِيْثَ أَبِي أُسَامَةَ، وطريقُ الأُمَوِيُّ أَخْرَجَهَا الإِسْمَاعِيْلِيُّ، والظاهرُ أنَّ البُخَارِيَّ أَخْرجهُ على الاحتمالِ لِقَرِيْنَةِ مَعْرِفَةِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بحَدِيْثِ أبيهِ، وصِحَّةِ سَمَاعِ هَاشِمٍ منهُ ومن [سَعِيْدٍ](1) جَميعاً.
          الحَدِيْثُ الثَّامِنُ وَالخَمْسُوْنَ(م) [خ¦3745] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أخرجَا جَميعاً حَدِيْثَ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ قِصَّةَ مَجِيء أَهْلِ نَجْرَانَ، وفيهَا: «لَأَبْعَثَنَّ حَقَّ أَمِيْنٍ»فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَّرَّاحِ.
          قَالَ: وأخرجَهُ مُسْلِمٌ لِلثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِثْلَهُ، وخالَفَهُمَا إِسْرَائِيْلُ فرواهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ، ولا يثبتُ قولُ إِسْرَائِيْلَ.
          قلتُ: فقدْ وَافَقَهُمَا على تصحيحهِ عن حُذَيْفَةَ.
          الحَدِيْثُ التَّاسِعُ وَالخَمْسُوْنَ [خ¦2704] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ أحاديثَ للحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مِنْهَا حَدِيْثُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ»الحَدِيْثُ، والحَسَنُ إِنَّمَا يروِي عَنْ الأَحْنَفِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ يَعْنِي فَيَكُوْنُ مَا أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ مُنْقَطِعَاً.
          قلتُ: الحَدِيْثُ مُخْرَجٌ عَنْ الحَسَنِ من طُرُقٍ عنهُ، والبُخَارِيُّ إِنَّمَا اعتمدَ رِوَايَةَ أَبِي مُوْسَى عَنْ الحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ، وقد أخرجهُ مُطَوَّلَاً في كِتَابِ الصُّلْحِ، وقالَ في آخرِهِ: قَالَ لِي عَلِيُّ بن عَبْدِ اللهِ: إِنما ثبتَ عندنَا سَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بهذا الحَدِيْثِ.
          وأعرضَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ تعليلِهِ بالاخْتِلَافِ على الحَسَنِ، فقيلَ عنه هَكَذَا، وقيلَ: عَنْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وقِيْلَ: عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلعم مُرْسَلَاً؛ لأنَّ الأسانيدَ بِذلك لا تَقْوَى، ولا زلتُ مُتَعَجِّبَاً مِنْ جَزْمِ الدَّارَقُطْنِيِّ بأنَّ الحَسَنَ لم يسمعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ معَ أنَّ في هذا الحَدِيْثِ في البُخاريِّ قالَ الحَسَنُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يقولُ، إِلى أنْ رأيتُ في رجالِ البُخَارِيِّ لأَبِي الْوَلِيْدِ الْبَاجِيِّ في أولِّ حرفِ الحاءِ للحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَرْجَمَةً، وقالَ فِيْهَا: أخرجَ البُخَارِيُّ قولَ الحَسَنِ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، فَتَأَوَّلَ أبو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ على أنَّهُ الحَسَنُ بنُ عليٍّ؛ لأنَّ الحَسَنَ عِنْدَهُمْ لم يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ، وحملَهُ البُخَارِيُّ وابْنُ المَدِيْنِيِّ على أنَّهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وبهذا صحَّ عندَهُمْ سماعُهُ منهُ، قالَ الْبَاجِيُّ: وعِنْدِي أنَّ الحَسَنَ الذي سمعهُ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ إِنَّمَا هو الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
          قلتُ: أَوْرَدْتُ هَذَا مُتَعَجِّبَاً منهُ لِأَني لم أَرَهُ لغيرِ الْبَاجِيِّ، وهو حملٌ مُخَالِفٌ للظاهرِ بلا مُسْتَنَدٍ، ثُمَّ إنَّ رَاوِي هذا الحَدِيْثِ عِنْدَ البُخَارِيِّ عَنْ الحَسَنِ لم يُدْرِكْ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فيلزمُ الانقطاعُ فيهِ، فَمَا / فَرَّ منهُ الْبَاجِيُّ مِنَ الانْقِطَاعِ بَيْنَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ وأَبِي بَكْرَةَ، وقعَ فيهِ بينَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ والراوِي عنهُ، ومَنْ تَأَمَّلَ سِيَاقَهُ عِنْدَ البُخَارِيِّ تحقَّقَ ضعفَ هذا الحَمْلِ، والله أعلم.
          وأمَّا احْتِجَاجُهُ بأنَّ البُخَارِيَّ أخرجَ هذا الحَدِيْثِ(2) من طريقٍ أُخْرَى، فَقالَ فِيْهَا: عَنْ الحَسَنِ عَنْ الأَحْنَفِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، فليسَ بينَ الإسنادينِ تَنَافٍ؛ لأنَّ في روايتهِ [226/أ] لَهُ عَنْ الأَحْنَفِ عن أَبِي بَكْرَةَ زِيَادَةً بيِّنَةً لم يَشْتَمِلْ عَلَيْهَا حَدِيْثُهُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وهذا بَيِّنٌ من السِّيَاقَيْنِ، واللهُ الموفق.


[1] في ط تصحيفاً: سَعْد.
[2] إنما أخرج حديث آخر. [خ¦31]