هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من كتاب الجهاد

           من كتاب الجهاد
          الحَدِيْثُ السَّادِسُ والثَّلاثُوْنَ(م) [خ¦2265] [خ¦2966] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَخْرَجَا جَمِيْعَاً حَدِيْثَ مُوْسَى بْنَ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى فَقَرَأْتُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: «لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوْا»الحَدِيْثُ، قَالَ: وَأَبُوْ النَّضْرِ لم يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَبي أَوْفَى، وإنَّمَا رَوَاهُ عَنْ كِتَابِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ في رِوَايَةِ الْمُكَاتَبَةِ.
          قلتُ: فَلَا عِلَّةَ فيهِ لكنَّهُ يَنْبَنِي عَنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُكَاتَبَةِ هَلْ هُوَ من المكاتَبِ إلى المكتوبِ إليهِ فقطْ، أَمْ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَ الخَطَّ إنْ رَوَى بِهِ، وإنْ لَمْ يكنْ مَقْصُوْدَاً بالكِتَابَةِ؟ الأوَّلُ هو المتبادرُ إلى الفهمِ من المصطلحِ، وأمَّا الثَّانِي فَهُوَ عِنْدَهُمْ من صُوَرِ الوِجَادَةِ، لَكِنْ يمكنُ أن يُقَالَ هُنَا: إِنَّ رِوَايَةَ أبي النَّضْرِ هُنَا تكونُ عَنْ مَوْلَاهُ عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى إليهِ، ويكونُ أَخَذَهُ لِذلك عَنْ مَوْلَاهُ عَرْضَاً؛ لأنَّهُ قَرَأَهُ عَلَيْهِ؛ لأنَّهُ كانَ كاتَبَهُ فَتَصِيْرُ والحالةُ هذهِ من الرِوَايَةِ بالمكاتبةِ كَمَا قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ السَّابِعُ والثَّلَاثُوْنَ [خ¦2855] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ أُبَيِّ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلعم فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ: اللُّحَيْفُ».
          قَالَ: وأُبَيٌّ هذا ضعيفٌ. قلتُ: سَيَأْتِي الكلامُ عليهِ في الفصلِ الآتِي. /
          الحَدِيْثُ الثَّامِنُ والثَّلَاثُوْنَ [خ¦2877] : قالَ أَبُوْ مَسْعُوْدِ في حَدِيْثِ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ _هو أبو طُوَالَةَ_ سَمِعْتُ أَنَسَاً يَقُوْلُ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلعم عَلَى بِنْتِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا ثُمَّ ضَحِكَ، الحَدِيْثُ، وفيهِ: «نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ الأَخْضَرَ».
          قالَ أَبُوْ مَسْعُوْدٍ: هَكَذَا في كِتَابِ البُخَاريِّ: أبو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، وسَقَطَ عليهِ بَينهُمَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، كذا قالَ أَبُوْ مَسْعُوْدٍ، واستندَ في ذلكَ إلى رِوَايَةِ المُسَيِّبِ بْنِ وَاضِحٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، وهُمْ مُسَتَنَدٌ في غَايَةِ الوَهَاءِ؛ فإنَّ المُسَيِّبَ ضعيفٌ، والحَدِيْثُ في ((كِتَابِ السِّيَرِ)) لأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ [222/ب] عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيْبٍ الْمِصِيْصِيِّ عَنْهُ ليسَ فيهِ زَائِدَةُ، وهكذا رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ في ((مُسْنَدِهِ)) عن مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ ليسَ فيهِ زائدةٌ، كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو سَوَاءٌ، حَتَّى قَالَ أَبُوْ عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: تَتَبَّعْتُ طُرُقَ هذَا الحَدِيْثِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَلَم أَجِدْ فِيْهَا زَائِدَةَ، انتهى.
          نَعَمْ الحَدِيْثُ مَحْفُوْظٌ لِزَائِدَةَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ أيضاً بمُتَابَعَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ لَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ عَنْ زَائِدَةَ، وَرَوَاهُ عَنْ زَائِدَةَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، ومُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو أيضاً، ومن طَرِيْقِهِمَا أَخرجَهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ في ((مُسْتَخْرَجِهِ))، وأبو عَوَانَةَ في ((صحيحهِ)) لا ذِكْرَ لأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ فيهِ، وقد رَوَاهُ أَحْمَدُ في ((مُسْنَدِهِ)) عن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي طُوَالَةَ فَذَكَرَ هذا الحَدِيْثَ، وأخرجَ بهذا الإسنادِ عن مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو عنهما حَدِيْثَاً آخَرَ، وهو حَدِيْثُ أَنَسٍ في فضلِ عَائِشَةَ على النِّسَاءِ فَأَظُنُّ المُسَيِّبَ بنَ وَاضِحٍ إنْ كانَتْ رِوَايَتُهُ مَحْفُوْظَةً يكونُ قد رَوَاهُ عن أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ وزَائِدَةَ جَميعاً عن أبي طُوَالَةَ فوقعَ مَوْضِعَ واوِ العَطْفِ عَنْ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُوْنَ [خ¦2892] : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ عِبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»الحَدِيْثُ، ولم يقلْ هذا غيرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ أثبتُ منهُ، وباقِي الحَدِيْثِ صحيحٌ.
          قلتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِيْنَارٍ يأتِي الكلامُ عليهِ في الفصلِ بعدَ هَذَا، وقد تفرَّدَ بهذهِ الزِّيَادَةِ.
          الحَدِيْثُ الأَرْبَعُوْنَ [خ¦2896] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ مُصْعَبَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَى سَعْدٌ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ». قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وهَذَا مُرْسَلٌ.
          قلتُ: صُوْرَتُهُ صورةُ المرسلِ إِلَّا أنهُ موصولٌ في الأصلِ معروفٌ مِنْ رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيْهِ، وقدْ اعتمدَ البُخَارِيُّ كَثِيْراً من أمثالِ هَذَا السِّيَاقِ، فأخرجَهُ على أنَّهُ موصولٌ إذا كانَ الرَّاوِي مَعْرُوْفَاً بالرِوَايَةِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ، وقدْ رويناهُ في ((سُنَنِ النَّسَائِيِّ))، وفي ((مُسْتَخْرَجِي)) الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وأبي نُعَيْمٍ، وفي ((الحِلْيَةِ)) لأبي نُعَيْمٍ، وفي الجُزْءِ السَّادِسِ من حَدِيْثِ أبي مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ من حَدِيْثِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيْهِ أنَّهُ رَأَى، فَذَكَرَهُ، وقد تَرَكَ الدَّارَقُطْنِيُّ أحاديثَ في الكِتَابِ من هذا الجِنْسِ لم يَتَتَبَّعْهَا، [وَسَأَجْمَعُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى في آخِرِ هَذَا الفصلِ لِيُسْتَفَادَ](1). /
          الحَدِيْثُ الحادِي والأَرْبَعُوْنَ [خ¦2948] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ تَوْبَةِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ مِنْ طُرُقٍ صَحِيْحَةٍ عَنْ عُقَيْلٍ وَغَيْرِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ كَعْبٍ، وهو الصَّوَابُ، وأَخْرَجَهُ يَعْنِي في الجِهَادِ مُخْتَصَرَاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ عَنْ يُوْنُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، فقدْ رَوَاهُ سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ فَقَالَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ كَعْبٍ كَمَا قالَ الجَّمَاعَةُ.
          قلتُ: وَقَعَ في رِوَايَةِ البُخَارِيِّ [223/أ] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَاً، فَأَخْرَجَهُ على الاحتمالِ؛ لأنَّ مِنَ الجائزِ أنْ يكونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَهُ مِنْ جَدِّهِ وثَبَّتَهُ فيهِ أَبُوْهُ، فكانَ في أكثرِ الأحوالِ يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ، ورُبَّمَا رَوَاهُ عَنْ جَدِّهِ، لكنَّ رِوَايَةَ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ الَّتي أشارَ إِلَيْهَا الدَّارَقُطْنِيُّ تُوْجِبُ أنْ يكونَ الخِلَافُ فِيْهَا على عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، وحينئذٍ فتكونُ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ شَاذَّةٌ فَلَا يَترتبُ على تَخْرِيْجِهَا كبيرُ تَعْليلٍ فإنَّ الاعتمادَ إنَّما هو على الرِوَايَةِ الْمُتَّصِلَةِ، واللهُ أعلمُ.
          ثُمَّ وجدتُ الحَدِيْثَ في ((سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)) عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم، فَذَكَرَهُ، وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهَلِيُّ في ((علل حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ)): مَا أَظُنُّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنَ كَعْبٍ سَمِعَ منْ جَدِّهِ شَيئاً، وإنما يَروي عن أَبِيْهِ وعَمِّهِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيْثَ مَعْمَرٍ كَمَا ذَكَرَهُ أبو دَاوُدَ سَوَاءٌ.
          الحَدِيْثُ الثَّانِي والأَرْبَعُوْنَ [خ¦2996] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأخرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ العَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ إبْرَاهِيْمَ السَّكْسَكِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوْسَى عَنْ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيْحَاً مُقِيْمَاً»وهذا لم يُسْنِدْهُ غيرُ العَوَّامِ، وخالَفَهُ مِسْعَرٌ فَقَالَ: عَنْ إبْرَاهِيْمَ السَّكْسَكِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قولُهُ: لَم يذكرْ أَبَا مُوْسَى ولا النَّبِيَّ صلعم.
          قلتُ: مِسْعَرٌ أَحفظُ من العَوَّامِ بلا شَكٍّ إِلَّا أنَّ مثلَ هَذَا لا يُقَالُ من قِبَلِ الرَّأْيِّ فَهُوَ في حكمِ المرفوعِ، وفي السياقِ قِصَّةٌ تدلُّ على أنَّ العَوَّامَ حَفِظَهُ؛ فإنَّ فيهِ: اصْطَحَبَ يَزِيْدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ وأبو بُرْدَةَ في سفرٍ فكانَ يَزِيْدُ يَصُوْمُ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ لَهُ أَبو بُرْدَةَ: أَفْطِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى مِرَارَاً يقولُ، فَذَكَرَهُ، وقد قالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إذا كانَ في الحَدِيْثِ قِصَّةٌ دَلَّ عَلَى أنَّ [رَاوِيْهِ](2) حَفِظَهُ، والله أعلمُ.
          الحَدِيْثُ الثَّالِثُ والأَرْبَعُوْنَ [خ¦3059] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ _فِيْمَا وجدتُ بِخَطِّهِ_: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْد بْنِ أَسْلَمٍ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيَّاً عَلَى الحِمَى. الحَدِيْثُ بطولِهِ، قَالَ: وإِسْمَاعِيْلُ ضعيفٌ.
          قلتُ: سيأتِي الكلامُ عَلَيْهِ، وأظنُّ أنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ هذا الموضعَ من حَدِيْثِ إِسْمَاعِيْلَ خاصةً، وأعرضَ عن الكَثِيْرِ من حَدِيْثِهِ عِنْدَ البُخَارِيِّ لِكَوْنِ غيرِهِ شاركَهُ في تلكِ الأَحَادِيْثِ وتفرَّدَ بِهَذَا، فإنْ كانَ كذلكَ فلم يَتَفَرَّدْ بهِ بل تَابَعَهُ عليهِ مَعْنُ بْنُ عِيْسَى فرواهُ عن مَالِكٍ كرِوَايَةِ إِسْمَاعِيْلَ سَوَاءٌ، والله أعلم.
          الحَدِيْثُ الرَّابعُ والأَرْبَعُوْنَ [خ¦3074] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلعم، رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ / الحَدِيْثُ، وليسَ فيهِ سماعُ سَالِمٍ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وقد رَوَى سَالِمٌ عَنْ أَخِيْهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو غيرَ هَذَا.
          قلتُ: وهذا التَّعليلُ لا يَرِدُ على البُخَارِيِّ مع اشتراطِهِ ثبوتَ اللقاءِ، ولا يلزمُ من كونِ سالمٍ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو حَدِيْثَاً بواسطةِ [223/ب] أَنْ لا يَرْوِي عنهُ بلا وَاسطَةٍ، بعدَ أن ثبتَ لُقِيُّهُ لَهُ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ الخَامِسُ وَالأَرْبَعُوْنَ(م) [خ¦3088] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأَخْرَجَا جَميعاً حَدِيْثَ ابنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، ضُحًى بَدَأَ بِالمَسْجِدِ»، الحَدِيْثُ، وقدْ خَالَفَهُ مَعْمَرٌ فَقَالَ: عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وقالَ عُقَيْلٌ: عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، وهو يُشْبِهُ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ، قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ورِوَايَةُ ابنِ جُرَيْجٍ أصحُّ، ولا يَضُرُّهُ مَنْ خَالَفَه.
          قلتُ: قولُ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، يُحْمَلُ على أنَّهُ نَسَبُوْهُ إلى جَدِّهِ فتكونُ رِوَايَتُهُمْ منقطعةً، وهذا الجوابُ صحيحٌ من الدَّارَقُطْنِيِّ في أنَّ الاخْتِلَافَ في مثلِ هذا لا يضرُّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أوَّلاً، واللهُ أعلمُ.


[1] زيادة من ت.
[2] في ت: رِوَايَة.