هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من كتاب الحج

           من كتاب الحج
          الحَدِيْثُ الثَّاني والعُشْرُوْنَ(م) [خ¦1536] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اتَّفَقَا على حَدِيْثِ عَطَاءٍ عن صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيْهِ حَدِيْثِ الجُّبَّةِ في الإِحْرَامِ، وفيهِ: «وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ»من حَدِيْثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وهَمَّامٍ وَغَيْرِهِمَا عن عَطَاءٍ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وابنِ أَبِي لَيْلَى جَمِيْعَاً عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ مُرْسَلَاً، وكذا قالَ قَتَادَةُ، ومَطَرٌ الوَرَّاقُ، ومَنْصُوْرُ بن زَاذَانَ، وعَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُ واحِدٍ عن عَطَاءٍ ليسَ فيه صَفْوَانٌ.
          قلتُ: في رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أنَّ صَفْوَانَ بن يَعْلَى أَخْبَرَهُ عَنْ يَعْلَى بِهِ، ورِوَايَةُ جميعِ من ذَكَرَهُ عن عَطَاءٍ عن يَعْلَى مُعَنْعَنَةٌ فَدَلَّ على أنَّهُ لم يَرْوِهِ عن يَعْلَى إِلَّا بِوَاسِطَةِ [ابنهِ](1)، وابنُ جُرَيْجٍ مِنْ أعلمِ النَّاسِ بحَدِيْثِ عَطَاءٍ، وقد صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ، فَالتَّعْلِيْلُ بِمثلِ هذا غيرُ مُتَّجِهٍ كَمَا قَدَّمْنَا غيرَ مَرَّةٍ.
          الحَدِيْثُ الثَّالثُ والعُشْرُوْنَ [خ¦1550] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ في التَّلْبِيَةِ، وتابَعَهُ أبو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ، وقالَ شُعْبَةُ: عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ بِهِ، قَالَ: ورُوِيَ عن يَحْيَى القَطَّانِ عن الأَعْمَشِ عن خَيْثَمَةَ أيضاً، وَرَوَاهُ إِسْرَائِيْلُ، وأبو الْأَحْوَصِ، وزُهَيْرُ بن مُعَاوِيَةَ، ومحمَّدُ بن فُضَيْلٍ، وأبو خَالِدٍ، وَغَيْرُ واحدٍ عنِ الأَعْمَشِ كَمَا قالَ الثَّوْرِيُّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ الخَرِيْبِيُّ عن الأَعْمَشِ فَأَوْضَحَهُ وبيَّنَ عِلَّتَهُ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ، [220/أ] فَذَكَرَهُ، قالَ الأَعْمَشُ: وذكرَ خيثَمَةُ عَنِ الْأَسْوَدِ أنَّهُ كانَ يَزِيْدُ: «وَالْمُلْكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ»قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَيُشْبِهُ أنْ يكونَ الوَهْمُ دَخَلَ عَلَى شُعْبَةَ مِنْ ذِكْرِ الأَعْمَش لِخَيْثَمَةَ في آخرِهِ.
          قلتُ: وهو تحقيقٌ حَسَنٌ ومُقْتَضَاهُ صحَّةُ ما اختارَ البُخَارِيُّ، واعتمدَهُ من رِوَايَةِ الأَعْمَشِ على أنَّ البُخَارِيَّ لم يُهْمِلْ حِكَايَةَ الخلافِ بل حَكَاهَا عَقِبَ حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ، والله أعلم.
          الحَدِيْثُ الرَّابِعُ والعُشْرُوْنَ [خ¦1626] : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ لَهَا: «إِذَا صَلَّيْتِ الصُّبْحَ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ»الحَدِيْثُ.
          وهذا منقطعٌ، وقد وَصَلَهُ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَوَصَلَهُ مَالِكٌ عن أَبِي الْأَسْوَدِ عن عُرْوَةَ كَذلكَ في ((الموطأ)).
          قلتُ: حَدِيْثُ مَالِكٍ عِنْدَ البُخَارِيِّ في هذا المكانَ مَقْرُوْنٌ بحَدِيْثِ أبي مَرْوَانَ، وقد وَقَعَ في بعضِ النُّسَخِ، وهي رِوَايَةُ الأَصِيْلِيِّ في هذا عن هِشَامٍ عن أبيهِ عن زَيْنَبَ عن أُمِّ سَلَمَةَ مَوْصُوْلَاً، وعلى هذا اعتمدَ المِزِّيُّ في ((الأطرافِ))، ولكنَّ مُعْظَمَ الرِّوَايَاتِ على إسقاطِ زَيْنَبَ، قالَ أَبُوْ عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: وهو الصَّحِيْحُ، ثُمَّ ساقَهُ من طريقِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُبَشَّرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ شيخِ البُخَارِيِّ فيهِ على الموافَقَةِ، وليسَ فيهِ زَيْنَبٌ، وكذا أخرجَهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ من حَدِيْثِ عَبْدَةَ بن سُلَيْمَانَ، ومُحَاضِرٍ، وحَسَّانِ بنِ إبْرَاهِيْمَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ ليسَ فيهِ زَيْنَبٌ، وهو المحفوظُ من حَدِيْثِ هِشَامٍ، وإنما اعتمدَ البُخَارِيُّ فيهِ رِوَايَةَ مَالِكٍ الَّتي أَثْبَتَ فِيْهَا ذِكْرَ زَيْنَبَ ثُمَّ ساقَ مَعَهَا رِوَايَةَ هِشَامٍ / التي سقطَتْ مِنْهَا حاكِيَاً للخلافِ فيهِ على عُرْوَةَ كَعَادَتِهِ مع أن سماعَ عُرْوَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ ليسَ بِمُسْتَبْعَدٍ، واللهُ أعلم.
          الحَدِيْثُ الخامِسُ وَالعُشْرُوْنَ(م) [خ¦1853] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأَخْرَجَا حَدِيْثَ ابنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عن سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ عن الفَضْلِ في قِصَّةِ الْخَثْعَمِيَّةِ، قَالَ: وقالَ حَجَّاجٌ في هذا الحَدِيْثِ: عن ابنِ جُرَيْجٍ حدثْتُ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
          قلتُ: الحَدِيْثُ مُخَرَّجٌ عندهُمَا من رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عن الزُّهْرِيِّ، فليسَ الاعتمادُ فيهِ على ابنِ جُرَيْجٍ وحدَهُ مع أن حَجَّاجَاً لم يُتابعْ على هذا السياقِ إِلَّا أنَّهُ حافظٌ، وابنُ جُرَيْجٍ مُدلِّسٌ فَيعْتَمِدُ رِوَايَةَ حَجَّاجٍ إلى أن يوجدَ من رِوَايَةِ غَيْرِهِ عن ابنِ جُرَيْجٍ مُصَرَّحَاً فيهِ بِالسَّمَاعِ من الزُّهْرِيِّ فإنِّي لم أرَهُ من حَدِيْثِهِ إِلَّا مُعَنْعَنَاً، واللهُ أعلمُ.
          الحَدِيْثُ السَّادِسُ والعُشْرُوْنَ [خ¦1890] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ اللَّيْثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عُمَرَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فَي سَبِيْلِكَ وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُوْلِكَ.
          قَالَ: وقالَ هِشَامُ بن سَعْدٍ: عَنْ زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن أبيهِ عن حَفْصَةَ عن عُمَرَ، وقالَ رَوْحُ بن القَاسِمِ: عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ [220/ب] عن أُمِّهِ عن حَفْصَةَ عن عُمَرَ.
          قلتُ: الظاهِرُ أنَّهُ كانَ عِنْدَ زَيْدِ بن أَسْلَمَ عَنْ أبيهِ عنْ عُمَرَ، وعَنْ أُمِّهِ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ عُمَرَ؛ لأنَّ اللَّيْثَ ورَوْحَ بن القَاسِمِ حَافِظَانِ، وأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ من الملازِمِيْنَ لهُ العارفينَ بحَدِيْثِهِ، وفي سياقِ حَدِيْثِ زَيْدِ بن أَسْلَمٍ عن أُمِّهِ عنْ حَفْصَةَ زِيَادَةٌ على حَدِيْثِهِ عن أبيهِ عن عُمَرَ، كَمَا بيَّنْتُهُ في كِتَابِي ((تغليقِ التعليقِ)) فدلَّ على أنهما طريقانِ محفوظَانِ، وأما رِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ فإنَّها غيرُ محفوظةٍ؛ لأنه غيرُ ضَابِطٍ، والله أعلمُ، وقدْ رَوَاهُ مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عُمَرَ، لم يذكرْ بَيْنَهُمَا أحداً، ومَالِكٌ كانَ يصنعُ ذلك كَثِيْرَاً.


[1] في ت: أبيه.