هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من فضائل القرآن

           من فضائل القرآن
          الحَدِيْثُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُوْنَ [خ¦5027] [خ¦5028] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيْمَا نقلتُ من خَطِّهِ: أَخْرَجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَ / الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»وأخرجَهُ أَيضاً من حَدِيْثِ شُعْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ، وقالَ فيهِ: وأَقْرَأَ أَبُوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فقدْ اختلَفَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ في إسنادهِ فَأدخلَ شُعْبَةُ بَيْنَ عَلْقَمَةَ وبينَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، وقد تابعَ شُعْبَةَ على زِيَادَتِهِ من لا يُحْتَجُّ بهِ، وتابَعَ الثَّوْرِيَّ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ.
          قلتُ: قد قَدَّمْنَا أنَّ مثلَ هذا يخرجُهُ البُخَارِيُّ على الاحتمالِ؛ لأنَّ رِوَايَةَ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الحفَّاظِ هِيَ المحفوظَةُ، وشُعْبَةُ زادَ رَجُلَاً فأمكنَ أَنْ يكونَ عَلْقَمَةُ سَمِعَهُ مِنْ سَعْدِ [بْنِ عُبَيْدَةَ](1) عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ لَقِيَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَسَمِعَهُ منهُ، قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وقالَ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ لم يسمعْ أَبُوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ عُثْمَانَ شَيئاً، قَالَ: وقد أخرجَ البُخَارِيُّ حَدِيْثَاً مِنْ طريقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُثْمَانَ.
          قلتُ: الحَدِيْثُ الذي أشارَ إليهِ ذكرَهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الوَقْفِ تَعْلِيْقَاً [خ¦2778]، وهو مُنَاشَدَةُ عُثْمَانَ للصحابةِ عِنْدَ حِصَارِهِ في ذِكْرِ حَفْرِهِ بِئْرَ رُوْمَةَ، وَغَيْرِ ذلكَ من مناقِبِهِ، والحَدِيْثُ عِنْدَ البُخَاريِّ مِنْ طُرُقٍ غيرِ هذا موصولةٍ فلِهَذَا لم أُفْرِدْهُ بالذكرِ [خ¦2778]؛ لأنَّهُ إنما أوردَهُ اعْتِبَارَاً، وأخرجَ أَبُوْ عَوَانَةَ في ((صحيحهِ)) حَدِيْثَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ في القرآنِ مِنْ طريقِ حَجَّاجٍ عَنْ شُعْبَةَ بسندِهِ، وقالَ في أَثَرِهِ: قالَ شُعْبَةُ: ولم يسمعْ أَبُوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ عُثْمَانَ، ثُمَّ أخرجَ أبو عَوَانَةَ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ، ومُتَابَعَةَ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ الْمِلَائِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، وَغَيْرِهِمَا لهُ على إسقاطِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، والحَدِيْثُ مُخْرَجٌ في الكتبِ الأَرْبَعَةِ من السُّنَنِ من هذا الوجهِ، فرواهُ أبو دَاوُدَ مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ فَقَط، [230/أ] وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، وابنُ مَاجَه مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ وسُفْيَانَ مَعَاً، ونقلَ التِّرْمذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ المَدِيْنِيِّ ترجيحَ حَدِيْثِ سُفْيَانَ عَلَى حَدِيْثِ شُعْبَةَ، وأمَّا كونُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لم يسمعْ مِنْ عُثْمَانَ فيما زَعَمَ شُعْبَةُ فقدْ أثبتَ غَيْرُهُ سَمَاعَهُ منهُ، وقالَ البُخَارِيُّ في ((التاريخِ الْكَبِيْرِ)): سَمِعَ مِنْ عُثْمَانَ، والله أعلم.


[1] سقط من ت و د.