هدى الساري لمقدمة فتح الباري

من كتاب الطلاق

           من كتاب الطلاق
          الحَدِيْثُ الثُمَّانُوْنَ [خ¦5273] : قالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وأخرجَ البُخَارِيُّ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ جَمِيْلٍ عَنْ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوْبَ(1) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، ومنْ حَدِيْثِ جَرِيْرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوْبَ كذلكَ، قَالَ: وَأَصْحَابُ الثَّقَفِيِّ غيرُ أَزْهَرَ يُرْسِلُوْنَهُ، وكذا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوْبَ، وكذا أرسلَهُ أَصْحَابُ خَالِدٍ الحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ.
          قلتُ: قد حَكَى البُخَارِيُّ الاخْتِلَافَ فيهِ، وعلَّقَهُ لإبْرَاهِيْمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء مُرْسَلاً، وعَنْ أَيُّوْبَ مَوْصُوْلَاً، وذلكَ لِمَا يُقَوِّي رِوَايَةَ جَرِيْرِ بْنِ حَازِمٍ، وفي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ الْمُسْتَمْلِي مِنَ الزِّيَادَةِ، قالَ البُخَارِيُّ عَقِبَ حَدِيْثِ أَزْهَرَ: لا يُتَابَعُ فيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. [خ¦5274]
          وهذا مَعْنَى قولِ الدَّارَقُطْنِيِّ: إِنَّ أَصْحَابَ الثَّقَفِيِّ يُرْسِلُوْنَهُ، وقد ذكرتُ من وَصَلَ حَدِيْثَ إبْرَاهِيْمَ بْنِ طَهْمَانَ في ((تغليقِ التَّعليقِ)).
          الحَدِيْثُ الحَادِي والثَّمَانُوْنَ [خ¦5286] : قالَ أَبُوْ عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: قالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيْمُ بْنُ مُوْسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ ابْنُ يُوْسُفَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِي صلعم، الحَدِيْثُ، وفيهِ قِصَّةُ تَطْلِيْقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَرَيْبَةَ بنتِ أَبِي أُمَيَّةَ وَغَيْرُ ذلكَ [خ¦5287]، تَعَقَّبَهُ أَبُوْ مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، فَقَالَ: ثبتَ هذا الحَدِيْثُ والذي قَبْلَهُ، يَعْنِي بهذا الإسنادِ سِوَى الحَدِيْثِ المتَقَدِّمِ في التَّفْسِيْرِ مِنْ تفسيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ [230/ب] الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ لم يَسمعْ التَّفْسِيْرَ مِنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وإنَّمَا أَخَذَ الكِتَابَ مِنْ ابْنِهِ عُثْمَانَ ونظرَ فيهِ، قالَ أَبُوْ عَلِيٍّ: وهذا تنبيهٌ بديعٌ مِنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ ☼، فقدْ رَوَيْنَا عَنْ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ يُوْسُفَ يقولُ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ التَّفْسِيْرِ مِنَ الْبَقَرَةِ، وآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَالَ: أَعْفِنِي مِنْ هَذَا ! قَالَ هِشَامٌ: فكانَ بعدُ إذا قالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ الْخُرَاسَانِيُّ، قالَ هِشَامٌ: فَكَتَبْنَا مَا كَتَبْنَا ثُمَّ مَلَلْنَا، يَعْنِي كَتَبْنَا أنَّهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، قالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ: وإنَّمَا كَتَبْتُ أَنَا هذهِ القصةَ لأنَّ مُحَمَّدَ بْنَ ثَوْرٍ كانَ يجعلها عَطَاءً عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَظَنَّ الذينَ حَمَلُوْهَا عنهُ أَنَّهُ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، قالَ عَلِيٌّ: وَسَأَلْتُ يَحْيَى القَطَّانَ عَنْ حَدِيْثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَقَالَ: ضعيفٌ. فقلتُ ليَحْيَى: إنَّهُ يقولُ: أَخْبَرَنَا، قَالَ: لا شَيء، كُلُّهُ ضعيفٌ، إِنَّمَا هو كِتَابٌ دفعهُ إليهِ.
          قلتُ: ففيهِ نوعُ اتِّصَالٍ ولذلكَ اسْتَجَازَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْ يقولَ فيهِ: أَخْبَرَنَا، لكنَّ البُخَارِيَّ ما أخرجَهُ إِلَّا على أنَّهُ من رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وأما الْخُرَاسَانِيُّ فليسَ مِنْ شَرْطِهِ؛ لأنَّهُ لم يسمعْ مِنْ ابنِ عَبَّاسٍ، لكن لقائلٍ أنْ يقولَ: هذا ليسَ بقاطعٍ في أنَّ عَطَاءً المذكورَ هو الْخُرَاسَانِيُّ فإنَّ ثُبُوْتَهُمَا في تفسيرِهِ لا يمنعُ أن يَكُوْنَا عِنْدَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أيضاً فيحتملُ أن يكونَ هَذَانَ الحَدِيْثُانِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَطَاءٍ / الْخُرَاسَانِيِّ جَمِيْعَاً، واللهُ أعلم.
          فهذا جوابٌ إِقْنَاعِيٌّ، وهذا عِنْدِي من المواضعِ العقيمةِ عن الجوابِ السديدِ، ولا بُدَّ للجوادِ من كَبْوَةٍ، واللهُ المستعانُ، وَمَا ذكرَهُ أبو مَسْعُوْدٍ مِنَ التَّعَقُّبِ قد سَبَقَهُ إليهِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، ذكرَ ذلكَ الحُمَيْدِيُّ في ((الجمعِ)) عن الْبَرْقَانِيِّ عنهُ، قَالَ: وحكاهُ عن عَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ يشيرُ إلى القصةِ الَّتي سَاقَهَا الْجَيَّانِيُّ، واللهُ الموفقُ.


[1] كذا قال الحافظ ☼ وحديث أزهر [خ¦5273] غير رواية أيوب. [خ¦5275]