هدى الساري لمقدمة فتح الباري

في الأحاديث التي انتقدها الدارقطني وغيره

          الفصل الثَّامِن: في سياقِ الأحاديثِ الَّتي انْتَقَدَهَا عَلَيهِ حافظُ عَصْرِهِ أبو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وغيرُهُ من النُّقَادِ، وَإيرادِهَا حَدِيْثَاً حَدِيْثَاً على سياقِ الكِتَابِ، وسياقِ ما حَضَرَ من الجوابِ عَنْ ذلكَ.
          وقبلَ الخوضِ فيهِ ينبغي لِكُلِّ مُنْصِفٍ أن يعلمَ أن هذهِ الأَحَادِيْثَ، وإنْ كانَ أَكْثَرُهَا لا يقدحُ في أصلِ موضوعِ الكِتَابِ، فإنَّ جَمِيْعَهَا واردٌ من جِهَةٍ أُخْرَى، وهيَ ما ادَّعَاهُ الإمامُ أبو عَمْرِو بن الصَلَاحِ وغيرُهُ من الإجماعِ على تَلَقِّي هذا الكِتَابِ بالقَبُوْلِ والتَّسليمِ لصحةِ جميعِ ما فيهِ فإنَّ هذهِ المواضعَ مُتَنَازَعٌ في صِحَّتِهَا فلم يحصلْ لها من التِّلَقِي ما حصلَ لِمُعْظَمِ الكِتَابِ، وقد تَعَرَّضَ لذلكَ ابْنُ الصَّلَاحِ في قولِهِ: إِلَّا مواضعَ يَسِيْرَةً انْتَقَدَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ وغيرُهُ، وقالَ في ((مقدمةِ شرحِ مُسْلِمٍ)) لهُ مَآخِذُ عَلَيْهِمَا يَعْنِي على البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ، وقَدْحٌ فيهِ مُعْتَمِدٌ من الحفَّاظِ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِمَّا ذكرناهُ لعدمِ الإجماعِ على تلقيْهِ بالقبولِ، انتهى.
          وهو احترازٌ حَسَنٌ، واختلَفَ كلامُ الشَّيْخِ مُحْيِّي الدِّيْنِ في هذهِ المواضعِ، فَقال في ((مقدمَةِ شرحِ مُسْلِمٍ)) ما نَصُّهُ: فصلٌ قدْ استدرَكَ جَمَاعَةٌ على البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ أحاديثَ أَخَلَّا فِيْهَا بشرطِهِمَا، ونزلَتْ عن دَرَجَةِ [220/ب] ما التَزَمَاهُ، وقدْ أَلَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ في ذلِكَ، ولأبي مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيِّ أيضاً عَلَيْهِمَا استدراكٌ، ولأَبي عَلِيٍّ الغَسَّانيِّ في ((جُزْءِ العِلَلِ)) من التَّقْيِيْدِ استدراكٌ عَلَيْهِمَا، وقد أجيبَ عن ذلِكَ أو أكثرِهِ، انتهى.
          وقالَ في ((مقدمَةِ شرحِ البُخَارِيِّ)): فصلٌ قد استدرَكَ الدَّارَقُطْنِيُّ على البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ أحاديثَ وَطَعَنَ في بَعْضِهَا، وذلكَ الطَّعْنُ مَبْنِيٌّ على قواعد لبعضِ المحدثينَ ضَعيفةٍ جِدَّاً مخالفةٍ لما عليهِ الْجُمْهُوْرُ من أهلِ الفقهِ والأُصُوْلِ وغيرِهِمْ فلا تَغْتَرَّ بذلكَ، انتهى كلامه.
          وسَيَظْهَرُ من سِيَاقِهَا والبحثِ فيها على التفصيلِ أنَّهَا ليسَتْ كُلُّهَا كذلِكَ، وقولُهُ في ((شرحِ مُسْلِمٍ)): وقدْ أُجِيْبَ عن ذلِكَ أو أكثرِهِ، هو الصَّوَابُ، فإنَّ مِنْهَا ما الجوابُ عنهُ غيرُ مُنْتَهِضٍ كَمَا سيأتي، ولو لم يكنْ في ذلِكَ إِلَّا الأحاديثُ الْمُعَلَّقَةُ الَّتي لم / تتصلْ في كِتَابِ البُخاريِّ من وجهٍ آخَرَ، ولا سِيَّمَا إنْ كانَ في بعضِ الرِّجَالِ الذينَ أَبْرَزَهُمْ فيهِ من فيهِ مَقَالٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيْلُهُ، فقد قالَ ابنُ الصَّلَاحِ: إنَّ حَدِيْثَ بَهْزِ بْنِ حَكِيْمٍ المذكورِ وأمثالِهِ ليسَ من شرطِهِ قَطْعَاً، وكذا مَا في مُسْلِمٍ من ذلكَ، إِلَّا أنَّ الجوابَ عَمَّا يَتعَلَّقُ بالْمُعَلَّقِ سُهْلٌ؛ لأَنَّ موضوعَ الكِتَابينِ إنَّمَا هو للمُسْنَدَاتِ، والمعلَّقُ ليس بِمُسْنَدٍ، ولهذا لم يتعرضْ الدَّارَقُطْنِيُّ فيما تتبَّعَهُ عَلى الصَّحِيْحَيْنِ إلى الأحاديثِ الْمُعَلَّقَةِ الَّتي لم توصلْ في موضعٍ آخَرَ لِعِلْمِهِ بأنَّهَا ليسَتْ من موضوعِ الكِتَابِ، وإنما ذُكِرَتْ اسْتِئْنَاسَاً واسْتِشْهَادَاً، واللهُ أعلمُ.
          وقد ذَكَرْنَا الأسبابَ الحامِلَةَ للمصنفِ على تخريجِ ذلِكَ التَّعْلِيْقِ، وأنَّ مُرَادَهُ بذلِكَ أنْ يكونَ الكِتَابُ جَامِعَاً لأكثرِ الأحاديثِ الَّتي يُحْتَجُّ بِهَا، إِلَّا أَنَّ مِنْهَا ما هو على شَرْطِهِ فَسَاقَهُ مَسَاقَ أصلِ الكِتَابِ، ومِنْهَا ما هو على غيرِ شَرْطِهِ فَغَايَرَ السياقَ في إيرادِهِ لَيَمْتَازَ فَانْتَفَى إيرادُ الْمُعَلَّقَاتِ، وبَقِيَ الكلامُ فِيْمَا عَلَّلَ مِنَ الأحاديثِ الْمُسْنَدَاتِ، وعِدَّةُ ما اجتمعَ لنا من ذلِكَ مِمَّا في كِتَابِ البُخَارِيِّ، وإنْ شَارَكَهُ مُسْلِمٌ في بعضِهِ مائةً وعشرةَ أَحَاديثَ مِنْهَا ما وَافَقَهُ مُسْلِمٌ على تخريْجِهِ، وهو اثنانُ وثلاثونَ حَدِيْثَاً، ومِنْهَا ما انفردَ بِتَخْرِيْجِهِ، وهو ثُمَّانيةٌ وسَبْعُوْنَ حَدِيْثَاً، والجوابُ عنهُ على سبيلِ الإجمالِ أنْ نقولَ:
          لَا رَيْبَ في تقديمِ البُخاريِّ ثُمَّ مُسْلِمٍ عَلَى أهلِ عَصْرِهِمَا، ومنْ بعدَهُ من أَئِمَّةِ هذا الفَنِّ في مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ والعِلَلِ، فإنَّهُمْ لا يختلفونَ في أنَّ عَلِيَّ بْنَ المَدِيْنِيِّ كانَ أعلَمَ أَقْرَانِهِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ، وعنهُ أَخَذَ البُخَارِيُّ ذَلِكَ، حتى كانَ يقولُ: ما اسْتَصْغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أحدٍ إِلَّا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ، ومع ذلكَ فكانَ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ إذا بَلَغَهُ ذلكَ عن البُخَارِيِّ يقولُ: دَعُوْا قولَهُ فإنَّهُ هو ما رأى مِثْلَ نَفْسَهِ، وكانَ محمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهَلِي أعلَمَ أهلِ عَصْرِهِ بِعِلَلِ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وقد استفادَ منهُ ذلك الشَّيْخانِ جَمِيْعَاً؛ وروى الْفِرَبْرِيُّ عن البُخَارِيِّ قَالَ: ما أَدْخَلْتُ [213/أ] في الصَّحِيحِ حَدِيْثُاً إِلَّا بعدَ أن اسْتَخَرْتُ اللهَ تَعَالَى، وتيقَّنْتُ صِحَّتَهُ. وقالَ مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ: سمعْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ يقولُ: عَرَضْتُ كِتَابي هذا على أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ فكلُّ ما أشارَ أنَّ له عِلَّةً تَرَكْتُهُ.
          فإذا عُرِفَ وتقرَّرَ أَنَّهُمَا لا يُخْرِجَانِ من الحَدِيْثِ إِلَّا ما لا عِلَّةَ لَهُ، أو له عِلَّةٌ إِلَّا أنها غيرُ مُؤَثِّرَةٍ عندَهُمَا، فبتقديرِ توجيهِ كلامِ من انْتَقَدَ عَلَيْهِمَا يكونُ قولُهُ مُعَارِضَاً لتَصْحِيْحِهِمَا، ولا رَيْبَ في تَقْدِيْمِهِمَا في ذلكَ على غيرِهِمَا فيَنْدَفِعُ الاعتراضُ من حيثُ الجُمْلَةِ، وأما من حيثُ التَّفصيلِ فالأحاديثُ الَّتي انْتُقِدَتْ عَلَيْهِمَا تَنْقَسِمُ أَقْسَامَاً:
          القسمُ الأوَّلُ: مِنْهَا ما تختلفُ الرواةُ فيه بالزِّيَادَةِ والنَّقْصِ من رجالِ الإسنادِ، فإنْ أَخْرَجَ صاحبُ الصَّحِيحِ الطريقَ الْمَزِيْدَةَ، وعَلَّلَهُ الناقدُ بالطريقِ النَاقِصَةِ فَهُوَ تعليلٌ مردودٌ كَمَا صَرَّحَ به الدَّارَقُطْنِيُّ فيما سَيَحْكِيْهِ عنهُ في الحَدِيْثِ الخامسِ والأربعينَ؛ لأنَّ الرَّاوِي إن كان سَمِعَهُ فالزِّيَادَةُ لا تَضُرّ؛ لأنَّهُ قد يكونُ سَمِعَهُ بواسطةٍ عن شَيْخِهِ ثُمَّ لَقِيَهُ فَسَمِعَهُ منه، وإن كانَ لم يسمعْهُ في الطريقِ النَّاقِصَةِ فَهُوَ منقطعٌ والمنقطعُ من قِسْمِ الضعيفِ، والضعيفُ لا يَعُلُّ الصَّحِيحَ، وستأتي أمثلةُ ذلكَ في الحَدِيْثِ الثَّاني والثَّامِنِ، وَغَيْرِهِمَا، وإنْ أَخْرَجَ صاحبُ الصَّحِيحِ الطريقَ النَّاقِصَةَ / وعَلَّلَهُ الناقدُ بالطريقِ الْمَزِيْدَةِ تَضَمَّنَ اعْتِرَاضَهُ دعوى انقطاعٍ فيما صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، فَيُنْظَرُ إنْ كان ذلكَ الرَّاوِي صَحَابِيَّاً أو ثِقَةً غير مُدلِّسٍ قد أدركَ مَنْ رَوَى عنهُ إِدْرَاكَاً بَيِّنَاً أو صرَّحَ بِالسَّمَاعِ إنْ كانِ مُدَلِّسَاً من طريقٍ أُخْرَى فإنْ وُجِدَ ذلك انْدَفَعَ الاعتراضُ بذلِكَ، وإنْ لم يوجدْ، وكانَ الانقطاعُ فيهِ ظاهِرَاً فَمُحَصِّلُ الجوابِ عن صاحبِ الصَّحِيحِ أنَّهُ إِنَّمَا أخرجَ مثلَ ذلِكَ في بابٍ ما لَهُ مُتَابِعٌ وعَاضِدٌ، أو ما حَفَّتْهُ قَرينةٌ في الجملةِ تُقَوِّيْهِ، ويكونُ التصحيحُ وَقَعَ من حيثُ المجموعِ كَمَا سَنُوَضِّحُ ذلكَ في الكلامِ على الحَدِيْثِ الرَّابعِ والعشرينَ من هذه الأحاديثِ وغيرِه، ورُبَّمَا عَلَّلَ بعضُ النُّقَادِ أحاديثَ ادَّعَى فيها الانقطاعَ لكونِهَا غيرَ مَسْمُوْعَةٍ كَمَا في الأحاديثِ المرويَةِ بالمكاتَبَةِ والإجازَةِ وهذا لا يلزمُ منهُ الانقطاعُ عِنْدَ مَنْ يُسَوِّغُ الرِوَايَةَ بِالإِجَازَةِ بل في تخريجِ صاحبِ الصَّحِيحِ لمثلِ ذلِكَ دليلٌ على صِحَّةِ الرِوَايَةِ بِالإِجَازَةِ عندَهُ وقد أشرنَا إلى ذلكَ في الحَدِيْثِ السَّادسِ والثلاثينَ وغيرِهِ.
          القسم الثَّاني: مِنْهَا ما تَخْتَلِفُ الرواةُ فيهِ بِتَغْيِيْرِ رجالِ بعضِ الإسنادِ، فالجوابُ عنهُ إن أمكنَ الجمعُ بأن يكونَ الحَدِيْثُ عِنْدَ ذلكَ الرَّاوِي على الوجهينِ جَمِيْعَاً فأَخْرَجَهُمَا الْمُصَنِّفُ، ولم يقتصرْ على أَحَدِهِمَا حيثُ يكونُ الْمُخْتَلِفُوْنَ في ذلكَ مُتَعَادِلَيْنَ في الْحِفْظِ والعَدَدِ كَمَا في الحَدِيْثِ الثَّامِنِ والأربعينِ وغيرِهِ، وإن امتنعَ بأنْ يكونَ المختلفونَ غير مُتَعَادِلِيْنَ بل مُتَفَاوِتَيْنِ في الْحِفْظِ والعَدَدِ فَيُخَرِّجُ الْمُصَنِّفُ الطريقَ الراجِحَةَ، ويُعْرِضُ عن الطريقِ المرجوحَةِ أو يشيرُ إليها كَمَا في الحَدِيْثِ السَّابِعَ عَشَرَ، [213/ب] فالتعليلُ بجميعِ ذلك من أجلِ مُجَرَّدِ الاخْتِلَافِ غيرُ قَادِحٍ؛ إذ لا يلزمُ من مُجَرَّدِ الاخْتِلَافِ اضطرابٌ يُوْجِبُ الضعفَ فَيَنْتَفِي الإعتراضُ أيضاً عَمَّا هذا سبيلُهُ، والله أعلم.
          القسم الثَّالث: مِنْهَا ما تَفَرَّدَ بعضُ الرواةِ بزِيَادَةٍ فيهِ دونَ من هو أكثرُ عَدَدَاً أو أضبطُ مِمَّنْ لم يَذْكُرْهَا، فهذا لا يؤثرُ التعليلُ بهِ إِلَّا إنْ كانَتْ الزِّيَادَةُ مُنَافِيَةً بحيثُ يتعذَّرُ الجمعُ، أما إنْ كانَتْ الزِّيَادَةُ لا مُنَافَاةَ فِيْهَا بحيثُ تكونُ كالحَدِيْثِ الْمُسْتَقِلِّ فلا، اللهمَّ إِلَّا إن وَضَحَ بالدلائلِ الْقَوِيَّةِ أن تلكَ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ في المتنِ من كلامِ بعضِ رُوَاتِهِ، فما كانَ من هذا القسمِ فَهُوَ مؤثرٌ كَمَا في الحَدِيْثِ الرَّابعِ والثلاثينَ.
          القسمُ الرَّابعُ: مِنْهَا ما تَفَرَّدَ بهِ بعضُ الرُّوَاةِ مِمَّنْ ضُعِّفَ من الرواةِ، وليسَ في هذا الصَّحِيحِ من هذا القَبِيْلِ غيرُ حَدِيْثُيْنِ، وهُمَا السَّابِعُ والثلاثونَ، والثَّالِثُ والأربعونَ، كَمَا سيأتي الكلامُ عَلَيْهِمَا، وتَبَيَّنَ أنَّ كُلَّاً مِنْهُمَا قد تُوْبِعَ.
          القسمُ الخَامسُ: مِنْهَا ما حُكِمَ فيهِ بالوَهْمِ على بعضِ رِجَالِهِ، فَمِنْهُ ما يؤثرُ ذلك الوهمُ قَدْحَاً، ومنهُ ما لا يؤثرُ كَمَا سيأتي تَفْصِيْلُهُ.
          القسمُ السَّادسُ: مِنْهَا ما اختلفَ فيه بتغييرِ بعضِ ألفاظِ المتنِ، فهذا أكثرُهُ لا يترتَبُ عليهِ قَدْحٌ لإمكانِ الجمعِ في المختلفِ من ذلِكَ أو التَّرْجِيْحِ، على أنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ وغيرَهُ من أئمَةِ النَّقْدِ / لم يَتَعَرَّضَوْا لاستيفاءِ ذلكَ من الكِتَابينِ كَمَا تَعَرَّضُوْا لذلِكَ في الإسنادِ، فَمِمَّا لم يتعرَّضَوْا له من ذلكَ حَدِيْثُ جَابِرٍ في قِصَّةِ الجَّمَلِ، وحَدِيْثُهُ في وفاءِ دَيْنِ أبيهِ، وحَدِيْثُ رَافِعِ بن خَدِيْجٍ في المخابَرَةِ، وحَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ في قصةِ ذِي اليدينِ، وحَدِيْثُ سَهْلِ بن سَعْدٍ في قِصَّةِ الوَاهِبَةِ نَفْسَهَا، وحَدِيْثُ أَنَسٍ في افتتاحِ القِرَاءَةِ بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ} [الفاتحة:2]، وحَدِيْثُ ابنِ عَبَّاسٍ في قصةِ السَّائِلَةِ عن نَذْرِ أُمِّهَا [أَوْ أُخْتِهَا](1)، وَغَيْرُ ذلِكَ مِمَّا سَنَأتِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى على بيانِهِ عِنْدَ شَرْحِهِ في أَمَاكِنِهِ.
          فهذهِ جُمْلَةُ أقسامِ ما انْتَقَدَهُ الأئمَّةُ على الصَّحِيحِ، وقدْ جَرَّدْتُهَا وحَقَقْتُهَا وقَسَمْتُهَا وَفَصَلَّتُهَا، لا يظهرُ مِنْهَا ما يؤثرُ في أصلِ موضوعِ الكِتَابِ بحمدِ اللهِ إِلَّا النادرُ، وهذا حينُ الشُّرُوْعِ في إيرادِهَا على ترتيبِ ما وَقَعَ في الأصلِ لِيَسْهُلَ مُرَاجَعَتُهَا إنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى.


[1] في ط: وأختها.