التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب من أحيا أرضًا مواتًا

          ░15▒ (باب مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا).
          قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ) هذا الأثر عن عمر أخرجه أبو عبيد في كتاب «الأموال».
          قوله: (وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم) كذا رواه ابن السكن وأبو ذر عمرو بن عوف، ووقع في رواية أبي زيد وأبي أحمد الجرجاني: عن عمرو بن عوف، قال أبو علي الغساني: والحديث محفوظ لعمرو بن عوف كما رواه أبو عمر بن عبد البر النمري بسنده إلى كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده / قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: ((من أحيا مواتًا من الأرض في غير حق مسلم فهو له، وليس لعرق ظالم حق))، وعمرو بن عوف روى له الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه و... (1) عن المسور بن مخرمة، وهو أنصاري بدري، قال العلائي في كتابه «كشف النقاب»: عمرو بن عوف الأنصاري حليف ابن عامر بن لؤي، له اثنان وستون حديثًا، اتفق الشيخان عنه في حديث واحد حديث: ((ما الفقر أخشى عليكم))، ورقم على اسمه علامة الترمذي والنسائي وابن ماجه، ومعنى كلام البخاري: أن عمرو بن عوف زاد: (في غير حق مسلم، وليس لعرق ظالم حق) يعني: قال النَّبي قال: ((من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له، وليس لعرق ظالم حق)). قال الكرماني: فإن قلت: لو صح ما رواه أبو زيد وأبو أحمد الجرجاني أنَّه عمر لكان مكررًا لقوله أولًا: (قال عمر) وقوله ثانيًا: (ويروى عن عمر)، ولا فائدة له. ثمَّ أجاب بأنَّه لو صح لكان له فوائد: الأولى: أنَّه تعليق بصيغة القوة، وهذا بصيغة التمريض، والأول بدون الزيادة، وهذا معها، والأول موقوف على عمر، وهذا مرفوع إلى النَّبي صلعم .
          قوله: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ) قال القاضي في «المشارق»: اختلفت الروايات في إضافته إلى الظالم أو قطعه وتنوين (عرق) وكسر (ظَالِمٍ) نونه، فمن جعله على النعت للعرق، أي: لعرق ذي ظلم، ومن أضافه إلى الظالم كان المراد: صاحب العرق، والمعنى: إن من غرس في أرض غيره بغير إذنه فليس له حقُّ الإبقاء فيها، بل لمالك الأرض أن يقلعه مجَّانًا. وقيل: معناه: إن من غرس أرضًا أحياها غيره أو زرعها لم يستحق به الأرض؛ لأنَّها صارت بالإحياء ملكًا للغير، و(ظَالِمٍ) إن أضيف إليه؛ فالمراد به: الغارس، سماه ظالمًا لتصرفه في ملك الغير بغير إذنه، وإن وصف به أي: بوب، فالمغروس سُمي ظالمًا؛ لأنَّه كظالم، أو لأنَّ الظلم حصل به على الإسناد المجازي، وقيل: لعرق ذي ظلم كما سبق، وقد خرج من عموم حديث: ((من أحيى أرضًا ميتة فهي له)) الذمي، فإن مذهب الشافعي أنَّه ليس له الإحياء في دار الإسلام.


[1] كلمة غير مفهومة في الأصل.