التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: إلى أقربهما منك بابًا

          2259- قوله: (و حَدَّثَنِي عَلِيُّ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ) هو علي بن سلمة بن عقبة أبو الحسن القرشي الليثي، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، كذا نقل عن خطِّ الدمياطي وسبقه به ابن طلحة، فقال: يقال هو ابن سلمة، وكذا قال الكلاباذي وغيره، وقال الجياني: نسبه ابن السكن فقال: هو علي بن عبدالله، وهو ضعيف عندي.
          وشبابة هو ابن سوار، مات سنة ست ومائتين، ووقع عليٌّ عن شبابة عن شعبة في تفسير سورة الفتح، وساق حديث: نهى النَّبي صلعم عن الحذف، ووقع عليٌّ في هذا الموضع أيضًا غير منسوب في نسخة أبي محمد الأصيلي كما في الموضع الأول، ولم ينسبه / أبو مسعود الدمشقي فيها أيضًا، ونسبه في حديث الخندق أبو ذر في رواية عن المستملي فقال: علي بن سلمة وهو الليثي، ونسبه عن أبي محمد الحموي وأبي الهيثم علي بن عبدالله، ولم ينسبه أبو نصر في حديث الخندق. انتهى.
          ولم يبين الغساني من هو علي بن عبدالله، أهو ابن إبراهيم البغدادي أو ابن جعفر بن نجيح أبو الحسن السعدي مولاهم البصري الحافظ المعروف بابن المديني؟ والظاهر أنَّه هو، وقد رأيت في حاشية بعض النسخ: علي بن المديني، لكن عليه علامة الأصيلي، وقد علمت أن الأصيلي لم ينسبه، وابن المديني روى عنه أبو داود، وروى هو والترمذي والنسائي عن رجل عنه، توفي يوم الإثنين لليلتين (1) بقيتا من ذي القعدة سنة ثلاث، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة خمس وثلاثين ومائتين.
          قوله: (عن أبي عمران الجوني) بفتح الجيم وإسكان الواو هو عبد الملك بن حبيب البصري، مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
          قوله: (سَمِعْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ ♦) قال الدارقطني: في رواية سليمان بن الأشعث قال شعبة في هذا الحديث: عن طلحة رجل من قريش، وقال الإسماعيلي: قال يحيى بن يونس عن شعبة أخبرني أبو عمران سمع طلحة عن عائشة، قال شعبة: وأظنُّه سمعه عن عائشة، ولم يقل: سمعتُه منها.
          قوله: (فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟) بضم الهمزة من: أهديت الهدية.
          قوله: (قَالَ: إِلَى أَقْرَبِهِمَا) ويروى: (قال: أَقْرَبهمَا)، وهو بالجر، كقولك: زيد لمن قال: بمن مررت على حذف الجار، وإبقاء عمله، وجوز الرفع وهو الأكثر، وليس فيه حجَّة لمن استدل به على ثبوت الشفعة للجار؛ لأنَّ عائشة إنَّما سألت عمَّن يبدأ به من جيرانها في الهديَّة، فأخبرها أي: من قرُب بابه أولى بها من غيره، فدلَّ بهذا أنَّه أولى بحقوق الجوار وكرم العشرة والبر ممن هو أبعد منه بابًا، وأمَّا أمر الهدية إلى من هو أقرب؛ لأنَّه ينظر إلى ما يدخل ويخرج إلى دار جاره ومنها، فإذا رأى ذلك أحبَّ أن يشارك فيه، ولأنَّه أسرع إجابة لجاره عندما ينوبه من حاجة إليه في أوقات الغفلة والغرة فلذلك بدئ به، وقُدِّم على من بعد بابه وإن كانت داره أقرب، قال الكرماني: إن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بأحد وجوه ثلاثة، فكيف استعمل ههنا بوجهين منها؟ وأجاب / بأنَّه لم يستعمل إلَّا بالإضافة، وأمَّا (من)؛ فهو من صلة القرب، كما يقال: قرب من كذا.
          وفيه أنَّ الاعتبار من الجوار بقرب الباب لا بقرب الجدار وتقدم السرُّ فيه.


[1] في الأصل:((لليلتا)).