التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل

          قوله في الترجمة: (حَيًّا): قد أُنكِر عليه قوله: (حيًّا)، قال المُنكِر: ويردُّ كونَه حيًّا روايةُ ابن عبَّاس: (أنَّ الصعب أهدى إليه ╕ رِجل حمار وحش)، وفي رواية: (عجز حمار وحش تقطر دمًا فردَّه...)، الحديث، وهذا في «مسلم»، والظَّاهر في تأويله ما ذهب إليه الشَّافعيُّ، وهو أنَّه إنَّما كان الرَّدُّ لأجل أنَّه ╕ ظنَّ أنَّه صِيد له، والله أعلم، قال النَّوويُّ لمَّا ساق روايات مسلم في «شرحه» ما لفظه: (وترجم له البخاريُّ: «باب إذا أُهدِي للمُحرِم حمارًا وحشيًّا حيًّا؛ لم يقبل»، [ثمَّ] رواه بإسناده، وقال في روايته: «حمارًا وحشيًّا»، وحُكِي أيضًا هذا التأويل عن مالك وغيره، وهو تأويلٌ باطلٌ، وهذه الطُّرق التي ذكرها مسلمٌ صريحةٌ في أنَّه مذبوح، وأنَّه إنَّما أهدى بعضَ لحم صيد لا كلَّه)، انتهى، وقد أطال النَّوويُّ الكلامَ على ذلك في «شرح المهذَّب» في حديث الصعب؛ هل أهدى حمارًا وحشيًّا أو لحم حمار؟ واختلاف الرُّواة في ذلك... إلى أن قال: (قال الشَّافعيُّ: وحديث مالك: «أنَّ الصعب أهدى للنَّبيِّ صلعم حمارًا» أثبت من حديث: «أنَّه أهدى من لحم حمار») انتهى، فإذن قول البخاريِّ: (حيًّا) صوابٌ، وليس مُنتقَدًا عليه، وإن أردت الوقوف على حقيقة ذلك؛ فانظر «شرح المُهذَّب» للنَّوويِّ، والله أعلم، وقد أطال شيخنا الشَّارح فيه النفس جدًّا؛ فانظره من «شرح البخاريِّ» إن أردته، فإنِّي لم أنظره؛ لطوله، وذكر ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدِّين الرِّوايات في ذلك في «الهَدْي»، ثمَّ(1) قال: (ومَن روى: «لحمًا» أولى؛ لثلاثة وجوه)، فذكرها؛ فانظرها إن أردت ذلك من «الهَدْي»، والله أعلم. /
          قوله: (يَقْبَلْ): هو بفتح أوَّله مبنيًّا للفاعل، وهذا ظاهر جدًّا.


[1] (ثم): ليس في (ج).