التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا من تمر

          1503- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ): هو بفتح الجيم، ثمَّ هاء ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة مفتوحة، ثمَّ ميم، وهو مصروفٌ(1)؛ لأنَّ الجَهْضَم من الرِّجال: الضَّخمُ الهامة، المستدير الوجه، والجَهْضَم: الأسد، والله أعلم، ومُحَمَّدٌ هذا: يماميٌّ، مولى ثقيف، عن أبي مَعْشَرٍ وجماعةٍ، وعنه: الكوسجُ، وأبو أميَّة، وطائفةٌ، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.
          قوله: (عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلعم...) إلى قوله: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ): فيه ردٌّ لقول مَنْ قال: إنَّ مالكًا انفرد عن نافعٍ بقوله: (من المسلمين)، وأصل هذا الكلام للتِّرمذيِّ ذكره في (كتاب العلل) التي في آخر «الجامع»، ولم يذكرِ التِّرمذيُّ التفرُّدَ المطلقَ عن مالكٍ، وإنَّما قيَّد بتفرُّد الحافظ؛ كمالك، ثمَّ صرَّح بأنَّه رواه غيرُه عن نافع ممَّن لا يُعتمَد على حفظه، وعلى كلِّ تقدير؛ فلم ينفرد مالكٌ بهذه الزيادة، بل تابعه عليها الضَّحَّاك بن عثمان في «مسلم»، ولو انفرد فكان ماذا؟! فمالكٌ النجمُ؛ كما قاله الشافعيُّ، وقد تابعه أيضًا عليها غيرُهما، فتابعه عُبَيدُ الله بن عمر، صحَّح الحاكمُ إسنادَه، وعبدُ الله بن عُمَر في «الدَّارقطنيِّ» [خ¦2056]، و[عند] ابن الجارود في «منتقاه»، وكَثِيرُ بنُ فَرْقَد، صحَّحه الحاكم على شرطهما، والدَّارقطنيُّ في «سننه» [خ¦2055]، والمعلَّى بنُ إسماعيلَ في «الدَّارقطنيِّ» [خ¦2054]، وصحَّحه ابنُ حِبَّان [خ¦3304]، وأيُّوبُ في «صحيح ابن خزيمة» [خ¦2411]، وقال ابن عبد البرِّ: (رواه حمَّاد بن زيد، والمحفوظُ من روايته وروايةِ غيرِه حذفُها)، ويونسُ بن يزيدَ في «مشكل الطَّحاويِّ» من حديث يحيى بن أيُّوب عنه، وابن أبي ليلى في «الدَّارقطنيِّ» [خ¦2051]، وفيه ردٌّ على ابن عبد البرِّ: أنَّ ابن أبي ليلى رواه عن نافع بدونها، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وأيُّوب بن موسى في «البيهقيِّ»، والله أعلم، وقد لخَّصتُ هذا من كلام العراقيِّ، وفيه من كلام شيخِنا الشارحِ.
          قوله: (صَاعًا مِنْ تَمْرٍ): تقدَّم [خ¦4/47-343] أنَّ الصاع: أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ مُختلَفٌ فيه؛ فقيل: رطل وثلث برطل بغداد، وبه يقول الشَّافعيُّ وفقهاء الحجاز، وقد تقدَّم أنَّ رطل بغداد: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، وقيل: إنَّ المدَّ: رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق، فيكون الصَّاع على قول أهل الحجاز: خمسة أرطال وثلث برطل بغداد، وثمانية أرطال على قول أهل العراق، وفيه حديثان في «الدَّارقطنيِّ» من حديث أنس وعائشة، وهما ضعيفان، ورجع أبو يوسف إلى قول أهل الحجاز، وهو قول الجمهور، فالصَّاع على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة: ستُّ مئة وخمسة وثمانون درهمًا، وخمسة أسباع درهم.
          قوله: (أَنْ تُؤَدَّى): هو مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.


[1] في (ب) و(ج): (معروف).