تعليقة على صحيح البخاري

باب الإشارة فِي الطَّلاق والأمور

          ░24▒ (بَابُ الإِشَارَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالأُمُورِ).
          حديث ابن عمر قال: (قَالَ النَّبِيُّ صلعم: لَا يُعَذِّبُ اللهُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا...): تقدَّم في (الجنائز(1))، وأوكد الإشارات ما حكم الشَّارع به في أمر السَّوداء حين قال لها: «أين الله؟»، فأشارت برأسها إلى السَّماء، فقال: «أعتقيها، فإنَّها مسلمة»، فأجاز الإسلام بالإشارة(2) الذي هو أعظم أصل الدِّيانة الذي تحقن به الدِّماء، ويمنع المال، وتثبت الحرمة، ويستحقُّ به الجنَّة، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك، فيجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الدِّيانة، وهو قول عامَّة الفقهاء، وعن مالك: أنَّ الأخرس إذا أشار بالطَّلاق أنَّه يلزمه، قال الشَّافعيُّ في [الرجل] يمرض(3) فيختلُّ(4) لسانه، فهو كالأخرس في الرجعة والطَّلاق، وإذا أشارَ إشارة تُعقَلُ أو كتبَ؛ لزمه الطَّلاق، وكذا قال أبو حنيفة وأصحابه: إن [كانت] إشارته تُعرَف؛ فهو جائز عليه.
          وقوله: (فَأَمَرَ بِهِ [رَسُولَ اللهِ صلعم] ، فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ) / : فيه طلب المماثلة في القَود، وهو حجَّة على أبي حنيفة في قوله: لا تقاد إلَّا بالسَّيف، وقبله هنا بالإشارة.


[1] في (أ): (الجائز).
[2] في (أ): (الإشارة بالإسلام).
[3] في (أ): (الرض).
[4] في (أ): (فيحيد).