تعليقة على صحيح البخاري

باب غزوة تبوك

          ░78▒ (بَاب: غزوة تَبُوكَ، وَهْيَ غَزْوَةُ العسيرة(1)).
          وسمِّيت تبوك بالعين التي أمر ◙ النَّاس ألَّا يمسُّوا من مائها شيئًا(2) ، فسبق إليها رجلان وهي تبض بشيء من ماء، فجعلا يدخلان فيها سهمين؛ ليكثر ماؤها، فسبَّهما رسول الله صلعم وقال لها: «ما زلتما تبوكانها(3) منذ اليوم»، فبذلك سمِّيت](4) تبوكًا(5) ، و(التَّبوك): كالنقش والحفر في الشَّيء، قد سمَّاها رسول الله صلعم بذلك، وذكر أنَّه ╕ اغترف غرفة فتمضمض بها في فيه، ثمَّ بصقه فيها، ففارت عينها حتى امتلأت حتَّى السَّاعة، وبينها وبين المدينة أربع عشرة(6) مرحلة، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، وهي آخر غزوة(7) غزاها بنفسه، وخرج إليها كما قال ابن سعد في رجب سنة تسع يوم الخميس، وسمِّيت العسرة، كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة:117] ، وخرجوا في حرٍّ شديد، وكان الرَّجلان والثَّلاثة على البعير الواحد، فعطشوا يومًا عطشًا شديدًا، فأقبلوا ينحرون الإبل فيشربون أكراشها، وكان ذلك عسرة من الظَّهر، وعسرة من النَّفقة.
          فوائدُ متعلِّقة بغزوة تبوك:
          لمَّا قدم ╕؛ جعل النساء والصِّبيان والولائد يقلن:
          طلع البدر علينا من ثنيَّات الوداع
          وجب الشُّكر علينا ما دعا لله داع(8)
          وفيه: وجاء البكَّاؤون وهم سبعة يستحملون رسول الله صلعم ، فقال: «لا أجد ما أحملكم عليه»، وهم: سالم بن عمر، وعُليَّة بن زيد، وأبو ليلى المازنيُّ، وعمرو بن غنمة، وسلمة بن صخر، والعرباض بن سارية، وعبد الله بن مُغفَّل، ولمَّا مرَّ ╕ على الحجر؛ نهى عن الشُّرب من مائه والتَّوضُّؤ به، ولمَّا انتهى رسول الله صلعم إلى تبوك؛ أتاه بحية بن روبية صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلعم وأعطاه الجزية، وفيه مات عبد الله ذو النجادين المزني(9) ، ونزل رسول الله صلعم في قبره، وقال: «اللَّهمَّ؛ إنِّي قد(10) أمسيت راضيًا عنه، فارض عنه»، قال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت أنا هو، وفيه: قدوم ضمام بن ثعلبة وإسلام قومه، وقدوم الجارود بن بشر بن المعلَّى في وفد عبد القيس، وكان نصرانيًّا، وفيه: قدوم زيد الخيل بن المهلهِل الطائيِّ، وقدوم فروة بن مسيك المراديِّ وعمرو بن معديكرب، وقدم الأشعث بن قيس في ثمانين راكبًا من كندة، فقال ╕: «ألم تسلموا؟»، قالوا: بلى، ثمَّ ارتدَّ الأشعث بعد رسول الله صلعم ، ثمَّ أسلم وشهد القادسيَّة وغيرها، ومات بالكوفة بعد الأربعين، وفيه: قدوم صرد بن عبد الله الأزديِّ، وأمَّره على مَن أسلم من قومه، وفيه: قدم كتاب ملوك حمير ورسولهم إليه بإسلامهم؛ منهم: الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان، وفيه: بَعَثَ فروةُ بن عمرو الجذاميُّ رسولًا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء، ثمَّ قتله الرُّوم، وفيه: قدم رفاعة بن زيد الجذاميُّ وأهدى لرسول الله صلعم غلامًا، فأسلم وحسن إسلامه، وقدم وفد همدان مرجعه منها، وقدم وفد تجيب، / وهم من السُّكون ثلاثةَ عشرَ رجلًا، قد ساقوا معهم صدقات أموالهم، فأمرهم بردِّها إلى فقرائهم، فقالوا: ما قدمنا عليك إلَّا بما فضل عن فقرائنا، فكتب لهم وأجازهم، وقدم وفد بني أسد وهم عشرة(11) رهط، فيهم وابصة بن معبد وطليحة بن خويلد، وقدم وفد بهراء من اليمن وهم ثلاثة وعشرون رجلًا فأسلموا، وقدم وفد بني مرَّة ثلاثة عشر رجلًا رأسهم الحارث بن عوف، فدعا لبلادهم وأجازهم، وقدم وفد خولان مؤمنين، وقال لهم: «من زارني بالمدينة؛ كان في جواري يوم القيامة»، وأمرهم بهدم صنم خولان، فهدموه، وقدم وفد محارب وقدم وفد غسَّان، ووفد سلامان سبعة نفر؛ منهم: حبيب بن عمرو، فأسلموا، وقدم وفد بني عبس، فسألهم عن خالد بن سنان هل له عقب؟ فقالوا: لا، وقدم وفد غامد(12) فأسلموا، وكتب لهم وأجيزوا، وقدم عليه وفد النخع وهم آخر وفد وفدوا للنِّصف المحرَّم سنة إحدى عشرة في مئتي رجل، فنزلوا دار الأضياف، ثمَّ جاؤوا رسول الله صلعم مقرِّين بالإسلام، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (العسرة).
[2] في (أ): (شيء).
[3] في (أ): (تبوكا بها).
[4] انتهى السقط الواقع في (ب)، واستمر عشر صفحات.
[5] في النسختين: (تبوك).
[6] في النسختين: (أربعة عشر).
[7] في (أ): (غزاة).
[8] في (أ): (داعي).
[9] في (أ): (المري)، وهي تحريف، وفي (ب) غير واضحة.
[10] (قد): ليس في (ب).
[11] في النسختين: (عشر).
[12] في (ب): (عامر).