تعليقة على صحيح البخاري

باب غزوة أحد

          ░17▒ (بَاب: غَزْوَةُِ أُحُدٍ، وَقَوْلُِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:121]).
          كانت غزوة أحد في شوَّال سنة ثلاث يوم السَّبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه، و(أُحُد): جبل من جبال المدينة على أقلَّ من فرسخ، سُمِّي أحدًا(1) ؛ لتوحُّده وانقطاعه عن جبل آخر، قال السُّهيليُّ: وفيه قبر هارون بن عمران وبه قبض، وكان هو وأخوه موسى مرَّا به حاجَّين أو معتمرين، قال ابن إسحاق وغيره: لمَّا أصيب(2) يوم بدر من كفَّار قريش أصحاب القليب ورجع بقيَّتهم إلى مكَّة ورجع أبو سفيان بن حرب بعيره؛ مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أميَّة في رجال من قريش ممَّن أصيب آباؤهم وإخوانهم وأبناؤهم يوم بدر، فكلَّموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا(3) : يا معشر(4) قريش؛ إنَّ محمدًا قد وتركم، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلَّنا ندرك منه ثأرًا بمن أصيب منَّا، ففعلوا، فقال أبو سفيان: أنا أوَّل مَن أجاب إلى ذلك، وبنو عبد مناف معي، فتبايعوها، فصارت ذهبًا، فكانت ألف بعير، والمال خمسين(5) ألف دينار، فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلعم وبعثوا / رسلهم يسيرون في العرب، فكانوا ثلاثة آلاف؛ منهم: سبع(6) مئة دارع(7) ومئتا فرس وثلاثة آلاف بعير، واستشار ╕ الصَّحابة في الخروج، فخرج في ألف بعد صلاة الجمعة، فلمَّا كان في مكان يقال(8) له: الشوط؛ انخزل ابن أُبيِّ ابن سلول وثلاث مئة، وقال ╕ للرُّماة: لا تتغيَّروا من مكانكم، فلمَّا تغيَّروا؛ هُزِموا، وقتل من المسلمين سبعون؛ منهم: حمزة بحربة وحشيٍّ، ومنهم(9) أربعة من المهاجرين، وأصيب النَّبيُّ صلعم ، وشجَّ جبينه، وكسرت رباعيته اليمنى السُّفلى برمية عتبة بن أبي وقَّاص، ورماه عبد الله بن قمئة وقال: خذها وأنا ابن قمئة، فقال له: أقماك الله في النَّار، فكان في غنمه على ذروة جبل فنطحه تيس، فأدرأه من شاهقة الجبل فتقطع، وكان قد ضربه بالسَّيف على شقِّه الأيمن، فجرح وجنته، ودخلت فيه حلقتان من المغفر، ووقع في حفرة من الحفر التي كيد(10) بها المسلمون، عملها أبو عامر الرَّاهب، فأخذه عليٌّ بيده، ورفعه طلحة حتَّى استوى قائمًا، وفيه نزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}](11) ؛ الآية(12) [آل عمران:128] ، ولم يثبت معه إلَّا أربعةَ عشرَ رجلًا؛ سبعة من الأنصار، ورجلان(13) من قريش؛ طلحة وسعد بن أبي وقَّاص.


[1] في (ب): (أحد).
[2] في (ب): (أصاب)، وكذا في الموضع اللاحق.
[3] في (ب): (فقال).
[4] في (ب): (معاشر).
[5] في النسختين: (خمسون).
[6] في النسختين: (بسبع).
[7] في (أ): (درَّاع).
[8] في (أ): (فقال).
[9] في النسختين: (ومنها).
[10] في (ب): (كايد).
[11] ما بين معقوفين سقط من (أ).
[12] (الآية): ليس في (ب).
[13] في (أ): (رجلين).