تعليقة على صحيح البخاري

باب غزوة الطائف

          ░56▒ (بَاب: غزوةِ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ).
          قالوا: لمَّا أراد رسول الله صلعم المسير إلى الطَّائف؛ بعث الطُّفيل بن عمرو إلى ذي الكفين _صنم عمرو بن جهينة الدَّوسيِّ_ يهدمه، وأمره أن يستمدَّ قومه ويوافيه بالطَّائف، فخرج سريعًا إلى قومه فهدم ذا الكفين وجعل يحشو النَّار في وجهه ويحرقه ويقول:
          يا ذا الكفَّين لستُ من عُبَّادك(1)
          ميلادنا أقدم [من] ميلادك(2)
          أما خشيت النَّار في فؤادك(3)
          قال: فانحدر معه من قومه أربع مئة سِراعًا، فوافَوا رسول الله صلعم بالطَّائف بعد مقدمه بأربعة أيَّام، وسمِّي الطَّائف؛ لأنَّ [الدمون بن عبيد] لمَّا قتل ابن عمه(4) عمر بحضرموت(5) وأقبل هاربًا إلى وجٍّ وأُتِي(6) مسعود بن معتب الثَّقفيِّ وكان تاجرًا ذا(7) مال؛ فقال: أحالفكم؛ لتزوِّجوني وأزوجكم(8) ، وأبني(9) عليكم طوفًا مثل الحائط، لا يصل إليكم أحد من العرب، فبنى بذلك المال طوفًا عليهم، فسمِّيت به الطَّائف، قال السُّهيليُّ: سمِّيت بذلك؛ لأنَّ(10) الجنَّة التي [في] قوله تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم:19] : هي الطَّائف، اقتلعها جبريل من موضعها، {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم:20] وهو اللَّيل، أصبح موضعها كذلك، ثمَّ سار بها إلى مكَّة، فطاف بها حول البيت، ثمَّ أنزلها حيث الطَّائف اليوم، فسمِّيت باسم الطَّائف التي طاف عليها، وكانت بقرب صنعاء، ومن ثَمَّ كان الماء والشَّجر بالطَّائف دون ما حولها من الأرضين، وكانت هذه الجنَّة بعد عيسى ╕ بيسير.


[1] في (أ): (عبادكا).
[2] في (أ): (ميلادكا).
[3] في النسختين: (فؤدك).
[4] في النسختين: (لما أقبل ابن عمر).
[5] في النسختين: (الحضرموت).
[6] في النسختين: (وإلى).
[7] في (أ): (ذات).
[8] في (ب): (وأرجوكم).
[9] في النسختين: (وإنني).
[10] في النسختين: (لأنها).