تعليقة على صحيح البخاري

باب غزوة مؤتة من أرض الشام

          ░44▒ (بَاب: غزوة مُؤتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ).
          والفتح بعدها في رمضان، و(مؤتة): قرية من أرض البلقاء، قال: لقيهم زيد بن حارثة ومن معه جموع الرُّوم بقرية من قرى البلقاء، يقال: لمَّا دنا العدوُّ؛ التجأ المسلمون إلى قرية يقال لها: مؤتة، وقيل: يقال لها: مشارف، تنسب إلى المشارف(1) من أرض الشَّام، وهو الموضع الملقَّب(2) بمؤتة، وكان سببها أنَّه ╕ بعث الحارث بن عمير الأزديَّ _أحد بني لِهب_ بكتابه إلى الشَّام إلى ملك الرُّوم، وقيل: إلى(3) ملك بُصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغسَّانيُّ، فأوثقه كِتَافًا، ثمَّ قدم فضُرِبت عنقه صبرًا، ولم يُقتَل لرسول الله صلعم رسولٌ غيره، فاشتدَّ ذلك عليه وندب النَّاس فأسرعوا، وأمَّر عليهم زيد بن حارثة وقال: «إن أصيب؛ فجعفر، وإن أصيب؛ فعبد الله بن رواحة»، فتجهَّزوا وتهيَّئوا وعسكروا، وهم ثلاثة آلاف، وخرج مشيِّعًا لهم حتَّى بلغ ثنيَّة الوداع، ثمَّ رجع عنهم، ثمَّ مضوا حتَّى نزلوا معان من أرض الشَّام، فبلغ النَّاس أنَّ هرقل نزل مآب من أرض البلقاء في مئة ألف من الرُّوم، وانضمَّ إليهم من لخم وجذام والقين ومهراء [عليهم رجل من] _بلي_ مئة ألف [منهم] ، فلمَّا بلغ ذلك المسلمين؛ أقاموا على مُعان ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب لرسول الله صلعم فنخبره بعدد عدوِّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرِّجال، وإمَّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، فشجَّع النَّاس عبد الله بن رواحة، قال: يا قوم؛ والله إنَّ الذي تكرهون للذي(4) خرجتم تطلبون الشَّهادة، وما نقاتل النَّاس بعدد ولا قوَّة ولا كثرة ما نقاتلهم إلَّا بهذا الدِّين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنَّما هي إحدى الحُسنَيين، إمَّا ظهور، وإمَّا شهادة، ثمَّ التقى النَّاس، فقُتِل الثَّلاثة كما أخبر صلعم ؛ زيد، ثمَّ جعفر، ثمَّ ابن رواحة، ثمَّ أخذ الرَّاية خالد بن الوليد، فدافع القوم، ورفعت الأرض لرسول الله صلعم ، فرأى معتركهم، فلمَّا أخذ الرَّاية خالد؛ قال: الآن حمي الوطيس، فلمَّا قدموا المدينة؛ استقبلهم أهلها يحثون في وجوههم التُّراب، ويقولون: يا فرَّارون، فيقول ╕: «ليسوا بفرَّارين، ولكنَّهم كرَّارون إن شاء الله تعالى»، قيل: إنَّ جعفرًا أخذ اللِّواء بيمينه فقطعت، فأخذها بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتَّى قُتِل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ولمَّا أخذ اللِّواء؛ قال ╕: «اللهمَّ؛ إنَّه سيف من سيوفك، وأنت تنصره»، فمن يومئذ سُمِّي خالدٌ سيفَ الله.


[1] في (أ): (المشارق).
[2] في النسختين: (المقلب).
[3] (إلى): ليس في (ب).
[4] في النسختين: (للتي).