مصابيح الجامع الصحيح

باب إمامة العبد والمولى

          ░54▒ (باب: إمامة العبد والمفتون)
          إن قلتَ: مَا وجه مطابقة هذا الحديث للتَّرجمةِ؟ وهل وصفه الإمام فيه إلَّا بكونه حَبَشيًّا؟ فأين هذا من كونه مَفْتونًا مُبْتدعًا؟ قلتُ: السِّياق يُرشد إلى إيجاب طاعته وإن كان أبعدَ النَّاسِ عن أن يُطاع؛ لأنَّ هذه الصِّفات إنَّما توجد في أعجميٍّ حديث العَهْد دخل في الإسلام، ومثل هذا في الغالبِ لا يخلو من نقصٍ في دينه لو لم يكن إلَّا الجهل اللَّازم لأمثاله، ومَا يخلو(1) الجاهلُ إلى هذا الحدِّ من ارتكاب البِدْعةِ واقتحام الفتنة، والله تعالى أعلم.
          ولو لم يكن إلَّا افتتانه بنفسِه حتَّى تَقدَّم على الإمامة وليس من أهلها من الحسب والنَّسب والعلم؛ فيأمل ذلك، انتهى.
          قاله سيِّدي.
          ويُحتمَل أن يكون أخذه البخاريُّ من عدم التَّفضيل، فإنَّه ينزل منزلة العموم في المقال، انتهى.
          ووجه تعلُّق تَعْليق الزُّهْريِّ بالحديثِ أنَّ المخنَّث مفتتن بتشبُّههه بالنِّساء كما أنَّ إمامَ الفتنةِ والمبتدع كلُّ واحد منهما مَفْتون في طريقته، فلمَّا شملهم معناها؛ شملهم الحكم.
          و(المولى) له معان متعدِّدة، والمراد به ههنا العتيق ليناسب العبد.
          و(وَلَدِ البَغِيِّ) بالجرِّ عطفًا على العَبْد.
          و(البَغِيِّ) بتشديد الياء: الزَّانية.


[1] تكرر في الأصل: (وما يخلو).