مصابيح الجامع الصحيح

باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين

          ░86▒ (باب: رفع اليدين إذا قام من الرَّكعتين)
          اعترض الإسماعيليُّ فقال: هذا الباب هو في رفع اليدين إذا قام من الرَّكعتين، وليس هذا في حديث حمَّاد ولا ابن طَهْمان، وإنَّما في حديثهما: (حذو مَنْكبيه)، ولعلَّ المحدِّث عن أبي عبد الله دَخَلَ له هذا الحرف في هذه التَّرجمة.
          فائدة: التَّيميُّ: ذَهَبَ قوم إلى رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح خاصَّة، وقوم إلى رفعهما عند كلِّ خفض ورفع، وفصَّله أبو حميد في عشرة من أصحابه.
          النَّوويُّ: في بعض الرِّوايات: رفع يديه حتَّى يحاذي بهما أذنيه، وفي رواية: حتَّى يحاذي بهما فروع أذنيه، فجمع الشَّافعيُّ بينهما بأنَّه رفع يديه حذو منكبيه بحيث يحاذي أطراف أصابعه فروع أذنيه؛ أي: أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه، وراحتاه مَنْكبيه، فاستحسن النَّاس ذلك منه.
          قال: وأمَّا وقت الرَّفع؛ ففي رواية: رفع يديه ثمَّ كبَّر، وفي أخرى: كبَّر ثمَّ رفع يديه، وفي الثَّالثة: إذا كبَّر رفع / يديه.
          ولأصحابنا فيه أوجه:
          أحدُهَا: يرفع غير مكبِّر، ثمَّ يبتدئ التَّكبير مع إرسال اليدين وينهيه مع انتهائه.
          والثَّاني: يرفع غير مكبِّر، ثمَّ يكبِّر ويداه قارنان ثمَّ يرسلهما.
          والثَّالث: يبتدئ بالرَّفع مع ابتداء التَّكبير وينهيهما معًا.
          والرَّابع: يبتدئهما معًا وينهي التَّكبير مع انتهاء الإرسال.
          والخامس: وهو الأصحُّ: يبتدئ الرَّفع مع ابتداء التَّكبير ولا استحباب في الانتهاء، فإن فرغ قبل تمام الرَّفع أو بالعكس؛ تمَّم الباقي، وإن فرغ منهما؛ حطَّ يديه ولم يستدم الرَّفع، ثمَّ الأصحُّ أنَّه إذا أراد إرسالهما؛ أرسلهما إرسالًا خفيفًا إلى تحت صدره فقط، ثمَّ يضع اليمين على اليسار، وقيل: يرسلهما إرسالًا بليغًا، ثمَّ يستأنف رفعهما إلى تحت الصَّدر.
          واعلم أنَّ في رفع اليدين باعتبار هذه الوجوه الخمسة بالنَّظر إلى الرِّوايات الثَّلاث:
          - حذو المنكبين.
          - حذو الأذنين.
          - حذو فروعهما.
          ثمَّ باعتبار الإرسال الخفيف والبليغ ثلاثين وجهًا.
          قال الطَّحاويُّ: إنَّما كان الرَّفع إلى المنكبين في وقت كان أيديهم في ثيابهم، وإلى الأذنين حتَّى كانت أيديهم بادية.
          رُوِيَ عن وائل أنَّه قال: (أتيت النَّبيَّ صلعم يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبَّر، ثمَّ أتيته من العام المُقْبل وعليهم الأكسية والبرانس، فكانوا يَرْفعون أيديهم إلى مناكبهم).