مصابيح الجامع الصحيح

باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟وهل يلتفت في الأذان؟

          ░19▒ (باب: هل يتبع المؤذِّن) التَّرجمة
          (المُؤَذِّنُ) بالنَّصب موافق لقوله: (فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ فَاهُ)، وفاعله الشَّخص.
          و(فَاهُ) منصوب بَدَل عن المؤذِّن، وفي بعضها بالرَّفع؛ قاله الكرمانيُّ.
          وفي «التِّرمذيِّ» من حديث عبد الرَّزَّاق: حدَّثنا سفيان عن عون عن أبيه قال: رأيتُ بلالًا يؤذِّن ويدور ويتبع فاه ههنا وههنا، وساق الحديث، فهذا يؤيِّد رواية الرَّفع.
          و(الإِصْبَع) تقدَّمت لغاته، وهو مجاز عن الأنملة من باب إطلاق الكلِّ وإرادة الجزء، وميلُ البخاريِّ إلى عدم الجعل؛ لأنَّ التَّعليق للأوَّل، وهو يذكر بصيغة التَّمريض، والثَّاني، وهو كلِّيٌّ بصيغة التَّصحيح.
          و(حَقٌّ) أي: ثابت من الشَّارع وسنَّة له.
          ولفظ: (كُلِّ أَحْيَانِهِ) متناول لحين الحدَث، ولا شكَّ أنَّ الأذان أيضًا من جملة / الذِّكر.
          و(بِالأَذَانِ) أي: في الأذان.
          التَّيميُّ: قيل: إنَّما يتبع فاه ههنا وههنا ليعمَّ النَّاسَ بإسماعه، وأمَّا إدخال الإصبع؛ فليقوى على زيادة رفع الصَّوت، انتهى.
          أقول: ويستدلُّ به الأصمُّ على الأذان.
          خاتمة: قول البخاريِّ: (قَالَتْ عَائِشَةُ ╦: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) وجه مُناسبة هذا الحديث بالتَّرجمة أنَّه أراد أن يحتجَّ على جواز الاستدارة وعدم اشتراط القِبلة في الأذان، فإنَّ المشترط لذلك ألحقه بالصَّلاةِ، فأبطل هذا الإلحاق مخالفته حكم الصَّلاة في الطَّهارة فإذا خالفها في الطَّهارة وهي إحدى شرائطها؛ آذن ذلك بمخالفته لها في الاستقبال، وبطريق الأولى، فإنَّ الطَّهارة أدخل في الاشتراط من الاستقبال، ويؤيِّدُه أنَّ بعضَهم قال: يستدبر عند (حيَّ على الصَّلاة)، فإنَّ هذه ليست ذكرًا، إنَّما هي خطاب للنَّاس، فبَعُدت عن سنَّة الصَّلاةِ، فَسَقَطَ اعتبار الصَّلاة فيهَا؛ قاله ابن المنيِّر.