مصابيح الجامع الصحيح

باب ربَّ مبلَّغ

          ░9▒ (باب: ربَّ مبلَّغ)
          قوله: (رُبَّ) هو للتَّقليل، لكنَّه كَثُرَ في الاستعمال للتَّكثير، بحيث غلب على الحقيقة، كأنَّها صارت حقيقةً فيه.
          إشارة: من خصائص (رُبَّ) أنَّها لا تدخل إلَّا على نكرةٍ ظاهرةٍ أو مضمرةٍ، فالظَّاهرة يلزمُها أن تكون موصوفةً بمفردٍ أو جملةٍ، ومنها: أنَّ الفعل الَّذي تُسلِّطُه على الاسم يجب تأخُّرُه عنها؛ لأنَّها لإنشاء التَّقليل، ولها صَدْر الكلام، وفعله يجيء محذوفًا في الأكثر، ومنها: أنَّ فعلَها يجبُ أن يكون ماضيًا، وهنا فعلُها محذوفٌ؛ وهو نحو: كان أو علمت ووجدت ولقيت.
          ولغاتها عشر: الرَّاء مَضْمومة والباء مخفَّفة أو مشدَّدة مفتوحة أو مضمومة أو مسكَّنة، والراء مفتوحة والباء مشدَّدة أو مخفَّفة، و(رُبَّتْ)؛ بتاء التَّأنيث والباء مشدَّدة أو خفيفة، وهي حَرْف عند البصريِّين، اسمٌ عند الكوفيِّين.
          قوله: (مُبَلَّغٍ) هو بفتح اللَّام؛ أي: مبلَّغ إليه، فحذف الجارَّ والمجرور كما يقال: المشترَك، ويُراد: المشترك فيه.
          و(أَوْعَى) أفعل تفضيل من الوعي، وهو الحفظ، وقع صفةٌ لـ(مبلَّغ).
          وقوله: (سَامِعٍ) أي: منِّي، ولا بدَّ من هذا القيد؛ لأنَّ المقصود ذلك.
          فائدة: هذه التَّرجمة رواها الترمذيُّ من حديث عبد الرَّحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ثمَّ قال: حديث حسنٌ صحيحٌ، انتهى، وكأنَّه لم يعبأ بما قيل في سماع عبد الرَّحمن من أبيه، قال ابن معين: لم يسمع منه.