مصابيح الجامع الصحيح

باب القراءة والعرض على المحدِّث

          ░6▒ (باب: القراءة والعرض على المحدِّث)
          قوله: (عَلَى المُحَدِّثِ) هو متعلِّقٌ بالقراءة والعرض كليهما، فهو من باب تنازع العاملين على معمولٍ واحدٍ، والعَرض تفسيرٌ لـ(القراءة)، ومثله يُسمَّى بالعطف التَّفسيريِّ، وجاز العطف؛ لتغايرهما مفهومًا، وإن اتَّحدا بحسب العادة، وفائدته الإشعار بأنَّه جامعٌ لهذين الاسمين؛ قاله الكرمانيُّ، ولشيخنا كلامٌ في شرحه في الفرق بينهما.
          فائدة: غرض البخاريِّ بهذا التَّبويب الرَّدَّ على أبي عاصمٍ النَّبيل، ووكيع ومحمَّد بن سلام، وعبد الرَّحمن بن سلام الجمحيِّ، حيث لم يكتفوا بالعرض، وممَّن قال بصحَّته عطاء ونافع وعروة والشعبيُّ والزُّهريُّ، والأئمَّة الأربعة.
          قوله: (وَرَأَى الحَسَنُ) ليس داخلًا في التَّرجمة، إلَّا أن يؤوِّل الفعل الماضي بالمصدر، فكأنَّه من باب القراءة، ورأى الحسن بل هو استئناف كلام.
          قوله: (آللهُ أَمَرَكَ) استفهامٌ، وهو مبتدأٌ، والجملة خبره، والباء محذوفةٌ من أن يصلِّي، وحَذْفُ الجارِّ من أن كثير شائع.
          فائدة: قوله: (فَأَجَازُوْهُ) أي: أجازه الرَّسول ◙ وصحابته، أو أجاز قومه، إجازة قوم ضِمام للكتاب كان بعد الإسلام، أو كان منهم مسلمين، وإلَّا فلا حجَّة في إجازتهم؛ لأنَّهم كفرة.
          قوله: (عَلَى العَالِمِ) ليس خبرًا؛ لقوله لا بأس بل هو متعلِّقٌ بالقراءة.
          قوله: (عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ) لم يتكلَّم عليه الكرمانيُّ، وتفقه فيه الوالد أنَّه الثوريُّ.
          فائدة: (أبو عاصم النَّبيل) قال البخاريُّ: سمعتُه يقول: مذ عقلتُ أنَّ الغيبة حرام ما اغتبت أحدًا، ولقب بذلك لكبر أنفه، وقيل: لأنَّ الفيل قدم البصرة، فذهب النَّاس ينظرون إليه إلَّا هو، فقال لابن جريج: [مَا لَكَ لَا تَنْظُر؟ فقال]: لا أجد منك عوضًا، فقال: أنت نبيل، أو لأنَّه كان يلبس الخزَّ وجيِّد الثياب، أو لأنَّ شُعْبة حلف لا يُحدِّث أصحاب الحديث شهرًا، فبلغ ذلك أبا عاصم فقصده، وقال: حَدِّثْ وغلامي العطَّار حرٌّ لوجه الله تعالى؛ كفَّارةً عن يمينك، فأعجبه ذلك، وقال: أبو عاصم نبيل، أو لأنَّه كان يلازم زفر، وكان حسن الحال في كسوته، وكان أبو عاصم آخر رثَّ الحال ملازمًا له أيضًا، فجاء النبيل إلى بابه يومًا، فقال الخادم لزفر أبو عاصم بالباب، فقال له: أيُّهما؟ فقال: ذاك النَّبيل، وقيل: لقبه المهدي. /