التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب سجود المسلمين مع المشركين

          ░5▒ (بَابُ سُجُودِ المُسْلِمِينَ مَعَ المُشْرِكِينَ)
          قوله: (وَالمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ) نجس بفتح الجيم، قال ابن التين: كَذا رويناه وكذا ضُبط في بعض الكتب، قال: والَّذي في اللُّغة نجس الشَّيء فهو نجس بالكسر والفتح أيضًا، وقال القزَّاز وغيره: إذا قالوه مع الرِّجس أتبعوه إيَّاه فقالوا: رجس نجِس بكسر النُّون وسكون الجيم، والنَّجس في اللُّغة كلُّ مستقذر، وفي اصْطلاح العلماء كلُّ عين حرم تناولها على الإطلاق في حال الاختيار مع إمكان وسهولة التمييز لا لحرمتها أو استقذارها أو ضَرَرها في بدن أو عقل، فاحترزوا بقيد الإطلاق عمَّا يُباح قليله دون كثيره لبعض النَّبات الَّذي هو سُمٌّ، وتقييد الاختيار عن حال الضرورة فإنَّ الميتة في المخمصة يُباح تناولها مع نجاستها، لكنَّ الرَّاجح أنَّ تناولها لا يوصف بحلٍّ ولا حُرمة، وهذا قيدٌ ذكره النَّووي وأهمله غيره ولا بدَّ منه، وبقيد حرمتها عن لحم الآدمي في غير المخمصة، وبقوله في الضَّابط لا لضررها، للاحتراز عن السُّمِّ الظَّاهر الَّذي يضرُّ قليله وكثيره، والتُّراب والحشيش المسكر.
          وما وقع في بعض شروح «الحاوي» مِن نجاسة الحشيش فخطأ، وقد أخرجه النَّووي بقوله في الضابط: وكلُّ مسكر مائع، وخرج بقيد الاستقذار المنيُّ والمخاط. وزاد النووي في «شرح المهذب» مع إمكان التناول الاحتراز (1) عن الحجَر ونحوه مِن الأشياء الطيبة، قال بعض علماء المتأخِّرين: ولا حاجة إليه لأنَّ ما لا يمكن تناوله ولا يوصف بتحليل ولا تحريم وزاد مع سهولة التمييز للاحتراز عن أكل الدُّود الميت في الفاكهة والجبن ونحوهما إذا قلنا بنجاسته كما هو الرَّاجح عند أصحابنا، وفي وجه لبعض أصحابنا إنَّ الخمر المحترمة طاهرة وكذا الحبَّات المستحيلة خمرًا في باطن العنقود.
          قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غير (2) وُضُوءٍ) ولأبي ذرٍّ <على وضوء> وصُوِّب، فقد أسنده ابن أبي شيبة في «مصنفه» كذلك، وتبويب البخاري واستدلاله منطبق عليه.


[1] في الأصل:((للاحتراز)).
[2] في الأصل لا يوجد((غير)) وكأنها سقطت سهواً والله أعلم.