تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب ما يذكر في الطاعون

          ░30▒ (بابُ ما يُذكَرُ في الطَّاعُونِ) هو بثر مؤلم جدًّا يخرج غالبًا في الآباط مع لهب واسوداد حواليه وخفقان القلب والقيء، وقال الجوهري: هو الموت من الوباء، وصاحب «القاموس»: هو الوباء، وقال ابن شيبان(1) : هو مادة سُميَّه تُحدث ورمًا قتالًا يَحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط أو خلف الإذن أو عند الأرنبة، قال: والوباء فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده، وظاهره أن بين الطاعون والوباء تغايرا، أو أن الطاعون أخص وظاهر كلام «القاموس» أن بينهما ترادفًا وموافقة، وظاهر(2) قول ابن سينا: أن كلًّا منهما يطلق على الآخر، والحق ما أفاده شيخنا أن الطاعون أخصُّ من الوباء لأنه طعن الجن، والوباء_بالمد والقصر_ المرض العام لخبر «الصحيحين» عن أبي هريرة: ((عَلَى أَبوَابِ المَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ)) [خ¦1880] مع خبرهما عن عائشة قالت: ((قَدِمنَا المَدِينَةَ وَهِيَ أَوبَأُ أَرضِ اللهِ...)) الحديث [خ¦1889]، وفيه قول بلال: ((اللهُمَّ العَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الوَبَاءِ)) [خ¦1889]، فلو كان الطاعون هو الوباء لتعارض الخبران، وهذا لا ينافي إطلاق أحدهما على الآخر مجازًا كما يُعلم مما يأتي.


[1] في (المطبوع): ((ابن سينا)).
[2] في ح و(ع) و(ك): ((ظاهر)) بلا واو.