تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثًا

          1870- (عَبدُ الرَّحمَنِ) أي: ابن مَهديٍّ العَنبريِّ. (سُفيَانُ) أي: الثوريُّ. (عَن أَبِيهِ) هو يزيدُ بنُ شَرِيكٍ.
          (شَيءٌ) أَي: مكتوبٌ مِن أحكامِ الشريعةِ. (عَائِرٍ) بمهملة مهموزًا وراءٍ: جبل بالمدينةِ. (أَو آوَى) بمدِّ الهمزةِ على الأَفصح في المتعدي، وبقصرِها(1) كذلك في اللازم. (مُحدِثًا) بكسر الدالِ أَي: ظالمًا، وبفتحِها أي: رأيًا محدَثًا في أمرِ الدينِ. (لَا يُقبَلُ مِنهُ صَرفٌ) أي: فرضٌ (وَلَا عَدلٌ) أي: نَفلٌ، وقيل: عكسُه، وقيل: الصرفُ التوبةُ والعدلُ القُربة، قالوا: ومعناه لا يُقبل قبول رِضًا وإِن قُبل منه قبول جزاءٍ. (ذِمَّةُ المسلِمِينَ وَاحِدَةٌ) أي: عهدُ كلٍّ منهم وأمانُه للكافرِ صحيحٌ، وإن صَدَر مِن امرأة أو عبدٍ.
          (فَمَن أَخفَرَ مُسلِمًا) أي: نَقَضَ عَهدَه، يُقال: خَفَرتُ الرَّجلَ: أَمَّنتُهُ، وأَخفَرتُه: نقضتُ عهدَه، فالهمزةُ للإِزالةِ. (وَمَن تَوَلَّى قَومًا) أي: اتخذَهم أولياءَ (بَغَيرِ إِذنِ مَوَالِيهِ) جَريٌ على الغالبِ فلا مفهومَ له، فيَحرمُ على الولدِ الانتماءُ إلى غيرِ أبيه وعلى العتيقِ الانتماء إلى غيرِ معتقهِ وإن أذنا لهما، لِما فيه مِن كفرِ النعمةِ وتضييعِ حقوقِ الإرثِ والولاءِ وغيرِهما، مع ما فيهِ من قطيعةِ الرحمِ والعقوقُ.
          قال النوويُّ: وفي الحديثِ إبطالُ ما تَزعُمُه الشيعةُ وَيفتَرُونَه مِن قولِهِم: إنَّ عليًّا أُوحي(2) إليه بأمورٍ كثيرةٍ مِن أسرارِ العلمِ وقواعدِ الدينِ، وأنَّه صلعم خصَّ أهلَ البيتِ بما لم يطلع عليه غيرهم، فهذه دعاوى باطلةٌ، واختراعاتٌ فاسدةٌ. وفيه دليل على جوازِ كتابةِ العلمِ. (قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: عَدلٌ: فِدَاءٌ) ساقطٌ مِن نسخةٍ.


[1] في (د): ((وتقصرها)).
[2] في (ع) و(ك) و (د): ((أوصي)).