تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

باب فضل العمل في أيام التشريق

          ░11▒ (بابُ فَضْلِ العَمَلِ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وهي الثلاثة بعد يوم العيد، سميت بذلك لأن لحوم الأضاحي كانت تشرَّق فيها بمنى؛ أي تُقدَّد ويُبرز(1) بها للشمس، وقيل: يوم العيد من أيام التشريق، فتكون(2) أيامه أربعة، وعلى الأول إنَّما لم يسمِّ يوم النحر منها لأن له(3) اسمًا خاصًّا وهو يوم النحر، وإلا فالمعنى السابق لها يشمله.
          (وَاذْكُرُوا اللهَ فِيْ أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) في نسخة: <ويذكروا الله في أيام معدودات> وفي أخرى: <ويذكروا الله(4) في أيام معلومات> وفي أخرى(5) <{وَيَذْكُرُوا اسْمَ(6) اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28]> وهذه موافقة(7) لما في الحج، واللاتي قبلها لا يوافق شيء منها التلاوة، إذ الأولى في البقرة بلفظ معدودات لا معلومات، لكن ابن عباس لم يرد التلاوة، وإنما مراده تفسير المعلومات والمعدودات، فقال: الأيام المعلومات (أَيَّام العَشْرِ) أي عشر ذي الحجة. (والأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيْقِ) هي الحادي عشر المسمى بيوم(8) القَر بفتح القاف لأن الحُجَّاج يقرُّون فيه بمنى، والثاني عشر المسمى بيوم النفر الأول لأن من تعجَّل ينفر فيه، والثالث عشر المسمى بيوم النفر الثاني، ويقال للثلاثة أيام منى لأن غالب الحجاج يقيمون فيها بمنى.
          (وَكَانَ ابنُ عُمَرَ وأَبُو هُرَيْرَةَ..) / إلى آخره، اعترض(9) بأن هذا(10) لا يناسب الترجمة بالعمل في أيام التشريق، وأجاب الكرماني: بأن عادة البخاري أن يضيف إلى الترجمة ما له بها(11) أدنى ملابسة استطرادًا؛ أي وهي مساواة أيام العشر لأيام(12) التشريق فيما يقع فيهما من أعمال الحج. (وكبَّرَ مُحَمَّدُ بنُ عليٍّ) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر. (خَلفَ النَّافِلَةِ) أي الواقعة في يوم عرفة، وما بعده إلى عصر آخر أيام التشريق على ما يأتي بيانه، مع بيان أن الفريضة كالنافلة في الباب الآتي.


[1] في (ع): ((وتبرز)).
[2] في (ع): ((فيكون)).
[3] في (ع): ((لأنه اسمٌ خاصٌّ)).
[4] في (ع): ((الآية)).
[5] قوله: ((في أخرى)) ليس في (ع).
[6] قوله: ((اسم)) ليس في (د).
[7] في (ع): ((توافقه)).
[8] في (ع): ((برسوم)).
[9] في (ط): ((اعتراض)).
[10] زاد في (ع) و(ص) و (د): ((الأثر))
[11] قوله: ((بها)) ليس في (ط).
[12] في (ع): ((بأيام)).