تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: كان يكون علي الصوم من رمضان فما

          3274- (فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوْا) فيه ثلاثةُ أقوالٍ: أحدُها: أنَّ اللهَ لا يَمَلُّ أبداً مَلِلْتُمْ أو لم تَمِلُّوْا، فجرَى هذا مَجْرَى قولِ العَرَبِ:
          حَتَّى يَشِيْبَ الغُرَابُ وَيَبْيَضَّ الفَأْرُ
          والثاني: أنَّهُ لا يَطرَحُكُمْ حتى تتركُوا العملَ، وتَزْهَدُوْا في الرغبةِ إليهِ، فَسَمَّى الفعلينِ مَلَلاً، وليس مَلَلاً على الحقيقةِ على مذهبِ العربِ في وضعِ الفعلِ مَوْضِعَ الفعلِ إذا وافقَ معناهُ. والثالثُ: وهو الذي اختارَهُ ابنُ الأنْبَارِيِّ، أن يكونَ المعنى: فإنَّ الله لا يقطعُ عنكم فضلَهُ حتى تملُّوا سؤالَهُ، فسَمَّى فعلَ اللهِ مَلَلاً وليسَ بِمَلَلٍ، وهو في التأويلِ على جهةِ الازدواجِ، وهو أن تكونَ إحدى اللفظتينِ موافقةً للأُخرى وإن خالفتْ مَعناها، كما قالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوْا عَلَيْهِ} [البقرة:194]، معناهُ فجازُوْهُ على اعتدائِهِ، فسمَّاهُ اعتداءً، وهو عدلٌ، لِتَزْدَوِجَ اللفظةُ الثانيةُ مع الأُولى، ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40] وهذا كثيرٌ.