تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: أما بعد فأشيروا علي في أناس أبنوا

          3238- (التَّأْبِيْنُ) على وجهينِ، فتأبينُ الحيِّ ذكرَهُ بالقبيحِ، ومنهُ قولهُ: «أبَّنُوْا أَهْلِيَ» أي: ذكروهُم بسوءٍ، وفي ذكرِ مجلسِ رسولِ اللهِ صلعم: «كَانَ لَا يُؤَبِّنُ فِيْهِ الحُرَمَ» أي: لا تذكرْ بقبيحٍ، والوجهُ الآخرُ: تأبينُ المَيِّتِ، وهو مدحُهُ بعد موتِهِ والثناءُ عليهِ، والشاهدُ قولُ الشاعر:
          لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتَأْبِيْنِ هَالِكٍ
          (تَعِسَ الرَّجُلُ يَتْعَسُ) أي عَثَرَ وانْكَبَّ، قالَ تعالى: {فَتَعْساً لَهُمْ} [محمد:8] أي: فَعِثَاراً لهم، وسُقُوْطاً لهم فيما لا يَسُرُّهُمْ.
          (الوَعْكُ) اضطرابُ الحُمَّى.
          (التِّبْرُ) الذَّهَبُ والفِضَّةُ، ما كانَ غيرُ مَصُوْغٍ.
          (كَانَ يَسْتَوْشِي الحَدِيْثَ) أي يستخرجُهُ بالبحثِ عنهُ، وَالِاسْتِقْصَاءُ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ اسْتَوْشَى الرَّجُلُ جَرَى فرسُهُ إِذا جَنَبَهُ وحرَّكَهُ لِيَجْرِي.
          (الَّذِي تَوَلَّى / مِنْهُمْ كِبْرَهُ) كِبْرَهُ وكُبْرَهُ بكسرِ الكافِ وضمِّهَا لُغتانِ؛ أي معظمُ الإفْكِ، وقيلَ الكِبْرُ الإثمُ اسمٌ للكبيرةِ كالخِطَيءِ من الخطيئَةِ، ويقعُ الكُبْرُ بالضمِّ في غير هذا على الكبيرِ في السنِّ، ومنهُ قولُهُ: «الكُبْرُ الكُبْرُ» أي قَدَّمَ الأكبرُ في السنِّ، ويكونُ الكِبْرُ بالكسرِ بمعنى التَّكَبُّرِ في قولِهِ: {مَا هُمْ بِبَالِغِيْهِ} [غافر:56] أي تَكَبُّرٌ.
          (البُهْتَانُ) الباطلُ الذي يَتَحَيَّرُ في إفراطِهِ من سَمِعَهُ.
          (جَزْعُ أظْفَارٍ) نوعٌ من الخَرَزِ، وقيلَ: هو جَزْعُ ظِفَارٍ، وهي مدينةٌ باليمنِ، يكونُ فيها هذا الجَّزْعُ.
          (وَالنِّسَاءُ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَهْبُلْنَ) أي لم يكثُرْ لحمُهُنَّ من السِّمَنِ فَيَثْقُلْنَ، وفي روايةٍ: «لَمْ يُهَبِّلْنَّ اللَّحْمَ»؛ أي لم تكثرْ لحومُهُنَّ وشَحْمُهُنَّ، والمُهَبَّلُ: الكثيرُ اللحمِ، الثقيلُ الحركةِ من السِّمَنِ.
          (العُلْقَةُ مِنَ الطَّعَامِ) البُلْغَةُ قدرَ ما يُتَبَلَّغُ بهِ، ويُمْسِكُ رَمَقَهُ، يريدُ القليلَ.
          (الهَوَادِجُ) مركبٌ من مراكِبِ النِّسَاءِ مُقَبَّبٌ، واحدهُنَّ هَوْدَجٌ، وقد يَسْتَعْمِلْهُنَّ الرجالُ.
          (بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَّيْشُ) أي سارَ.
          (لَيْسَ فِي الدَّارِ دَاعٍ وَلا مُجِيْبٍ) أي خاليةٌ ليسَ بها أحدٌ.
          (فَتَيَمَّمْتُ) أي قَصَدْتُ.
          (عَرَّسَ المُسَافِرُ) أي نزلَ وحطَّ رحلَهُ، وتحقيقُ التَّعريسِ نزولُ المسافِرِ في مَسْرَاهُ من آخرِ الليلِ للراحَةِ.
          (ادَّلَجَ الرَّجُلُ فِي سَفَرِهِ) بتشديدِ الدَّالِ، إذا خرجَ من آخرِ الليلِ، وأَدْلَجَ إذا قطعَ الليلَ كُلَّهُ من أولِهِ سَيراً.
          (خَمَّرْتُ وَجْهِي) أي غَطَّيْتُهُ والتَّخميرُ التَّغطيةُ.
          (الجِلْبَابُ) الإزارُ، وما تتغطى به المرأةُ وتستترُ فيهِ.
          (الوَغْرَةُ) شِدَّةُ الحَرِّ، ويُقالُ: وَغِرَ صَدْرُهُ يُوْغَرُ إذا اغتاظَ وحمى، وأوغرَ صدرَهُ؛ أي أحماهُ من الغيظِ.
          (يُفِيْضُوْنَ) يخوضونَ فيهِ، ويُكثرونَ منهُ.
          (الرَّيْبُ) الشَّكُّ.
          (اللُّطْفُ فِي الأَفْعَالِ) الرِّفقُ بها، وفي الأقوالِ لِيْنُ الكلامِ، / ويُقالُ: لَطَفَ اللهُ لكَ؛ أي أوصلَ إليكَ ما تطلبُ بلا تَعَبٍ.
          (نَقِهَ مِنْ مَرَضِهِ) يَنْقَهُ نُقُوْهاً: إذا أفاقَ.
          (المَنَاصِعُ) مَواضعٌ خاليةٌ، تُقْضى فيها الحاجةُ من الغائطِ والبولِ، وقيلَ: المناصعُ صعيدٌ أفيحُ فسيحٌ خارج البيوتِ.
          (بَرَزَ وَتَبرَّزَ) أي ظهرَ إلى البَرَازِ، وهو الموضعُ الواسعُ الظاهِرُ وهو المُتَبَرَّزُ؛ أي المكانُ الذي يُظْهَرُ فيهِ، ويُقْصَدُ لذلكَ.
          (المِرْطُ) كساءٌ من صوفٍ أو خَزٍّ، يُؤتزرُ به، وجمعهُ مُرُوْطٌ.
          (تَعِسَ مِسْطَحٌ) أي سقطَ وعثرَ وانْكَبَّ، ويُقالُ: تعِسَ يَتْعَسُ، وأَتْعَسَهُ اللهُ.
          (يَاهَنْتَاهْ) كأنها نَسَبَتْهَا إلى البَلَهِ، وقلةِ المعرفَةِ بمكايدِ الناسِ وفَسَادِهِمْ، ويُقالُ: امرأةٌ هَنْتَاءُ؛ أي: بَلْهَاءُ.
          (امْرَأَةٌ وَضِيْئَةٌ عِنْدَ زَوْجِهَا) أي مُحبَّبةٌ إليهِ، حسنةٌ في عينِهِ.
          (المُضَارَّةُ) المُضادَّةُ، سُمِّيَتْ الضَّرَةُ بذلكَ لمُضَادَّتِهَا الأُخرى، والجمعُ ضرائرٌ.
          (لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ) أي لا ينقطعُ.
          (أَغمَـِصُهُ) أَعِيْبُهُ، غمصتُ الشيءَ عِبْتُهُ.
          (الدَّاجِنُ) الشاةُ التي تألفُ البيتَ وتُقِيْمُ بهِ، ويُقالُ: دَجَنَ بالمكانِ؛ أي: أقامَ بهِ.
          (من يَعْذِرُنِي مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبيٍّ؟) أي: قال من يَعْذِرُنِي منُه إن عاتبتُ أمْ عَاقَبْتُ؛ أي: من يقومُ بِعُذْرِي في فِعْلِهِ.
          (احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ: أي أغضبتْهُ، والحميَّةُ الأنفةُ والغضبُ والتَّغَضُّبُ، وحكى ابنُ السِّكِّيْتِ أن الاحتمالِ الغضبُ، وقيل: حملتهُ الحميَّةُ على ذلكَ القولِ، ويُروى: اجْتَهَلَتْهُ الحَمِيَّةُ) أي حملتهُ على الجَّهْلِ، ويُقالُ: أَجْهَلَهُ هذا الأمرُ؛ أي: جعلهُ جاهلاً، والمَجْهَلَةُ الأمر يحملكَ على الجهلِ.
          (قَلَصَ الدَّمْعُ) انقطعَ انسكابُهُ، ويُقالُ: قلصَ الشيءُ وتَقَلَّصَ إذا تَضَامَّ ونَقَصَ.
          (مَا رَامَ مِنْ مِجْلِسِهِ) أي؛ ما برحَ من مكانِهِ، يُقالُ: رامَ يَرِيْمُ إذا بَرِحَ وزالَ، وقلَّ ما يُستعملُ إلا في النَّفي، ورامَ يَرُومُ، إذا طلبهُ. /
          (الجُّمَانَةُ) الدُّرَّةُ، وجمعها جُمَانٌ.
          (فَسُرِّيَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم) أي كُشِفَ.
          (الإِفْكُ) الكذبُ، يُقالُ: أفِكَ يأفَكُ إذا كذبَ، وأصلهُ صرفُ الكلامِ عن الحقِّ إلى الباطِلِ، قالَ تَعَالى: {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا} [الأحقاف:22] أي لِتَصْرِفْنَا.
          (العُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ) نحو العشرةِ، والعصابةُ الجماعةُ من الناسِ والطيرِ والخيلِ.
          ({وَلَا يَأْتَلِ} [النور:22]) من الأَلِيَّةِ وهي اليمينُ، يُقالُ آلَى وائْتَلى وتَأَلَّى.
          (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي) أي أمنعُ سمعي وبصري من أَنْ أُخْبِرَ أني سمعتُ ما لم أسمعْ، وأبصرتُ ما لم أُبْصِرَ، تنفي بذلكَ عن نفسِهَا الكذبَ.
          (المُسَامَاةُ) المُفاعَلةُ، من السُّمو، أي تَطلبُ من السُّمُوِّ والعُلُوِّ والغلبةِ ما أطلبُ.
          (فَعَصَمَهَا اللهُ) أي منعَها من الشرِّ بالورَعِ.
          (وَالوَرَعُ) المَعْدِلَةُ ومجانبةُ ما لا يَحِلُّ، أو ما لا ينبغي تحليلُهُ.
          (مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ) أي مَا رُمْتُ كشفَ ما سترتَهُ من نَفْسِهَا، إشارةً إلى التَّعَفُّفِ.
          (وَكَانَ يَسْتَوْشِي الحَدِيْثَ) أي يُثيرهُ، ويستخرجُهُ بالبحثِ عنهُ، وقد تقدَّمَ.
          (الإحْصَانُ) في كلامِ العربِ: المنعُ، فتكونُ المرأةُ مُحْصَنَةً بالإسلامِ؛ لأن الإسلامَ يَكُفُّهَا عن ما لا يحلُّ، وتكون محصنةً بالعفافِ والحياءِ من أن تفعلَ ما تُعابَ بهِ، وتكون محصنةً بالحريَّةِ وبالتزويجِ أيضاً، والمرأةُ حَصَانٌ_بفتحِ الحاء_ بَيِّنةُ الحِصْنِ؛ أي مستعملةٌ لما يُوْجِبُهُ عليها الإحصانُ من الامتناعِ عما لا يحلُّ ولا يَحْسُنُ، والحاصِنُ أيضاً المتعفِّفَةُ، وفرسٌ حِصَانٌ_بكسر الحاءِ_ بَيِّنُ التَّحَصُّنِ، إذا كان مُنْجِباً، وبناءٌ حَصينٌ: بَيِّنُ الحَصانَةِ.
          (الرَّزَانَةُ) الثَّباتُ، وهو ضدُّ الطَّيْشِ، ويقالُ: رجلٌ رَزِينٌ، وامرأةٌ رَزَانٌ.
          (مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ) أي لا تُتَّهَمُ، يُقالُ: أزْنَنْتُ فُلاناً بكذا؛ أي اتَّهَمْتُهُ، فهو يُزَنُّ بكذا.
          (الغَرَثُ) الجوعُ، يُقالُ: رجلٌ غَرْثَانٌ، وامرأةٌ غَرْثى.
          (وَالغَفْلَةُ) المحمودةُ: تركُ ما لا يَحْسُنُ في دينٍ أو مُروءةٍ.
          (وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ) /
          استعارةٌ؛ أي لا تغتابُ أحداً ممن هو غافلٌ من مثلِ هذا الفعلِ، قالَ تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيْهِ مَيْتاً} [الحجرات:12]، وقولُهُ: «أَهْلُ الجَّنَّةِ البُلْهُ» لم يُرِد قلةَ المعرفةِ بالواجباتِ عليهِ، ولكن أرادَ عدمَ المعرفَةِ بالمكرِ والخديعةِ وسائرِ ما لا يحسُنُ استعمالُهُ في الدِّينِ ولا في العِشْرَةِ.
          (مَا نَافَحَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم) أي ما دَافَعَ.
          (وَالوَلَقُ) الْكَذِبُ، يُقَالُ: وَلَقَ الرَّجُلُ يَلِقُ إِذا كذبَ، وَقيل: الوَلَقُ الِاسْتِمْرَارُ فِي الْكَذِبِ.