تعليقة على صحيح البخاري

باب: إذا ادعت المرأة ابنًا

          ░30▒ (بَابٌ: إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا)؛ الحديث.
          أجمع العلماء أنَّ الأمَّ لا تستلحق أحدًا؛ لأنَّها لو استلحقت؛ ألحقت بالزَّوج(1) ما يكره، والله تعالى يقول: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام:164] ، وإنَّما يمكن أن يلحق الولد بالزَّوج إذا قامت البيِّنة أنَّها ولدته وهي زوجته في عصمته، فإنَّ الولد للفراش.
          وفائدة هذا الحديث: أنَّ المرأة إذا قالت: هذا ابني، ولم ينازعها فيه أحد، ولم يعرف له أب؛ فإنَّه يكون ولدًا لها، ترثه ويرثها، [ويرثه] إخوته لأمِّه؛ لأنَّ هذه المرأة التي قُضي لها بالولد في هذا الحديث إنَّما جَعَل لها ابنًا مع تسليم المرأة المنازعة لها فيه.
          وفيه من الفقه: أنَّه من رأى من المُنازِعين بما يشبه؛ فالقول قوله؛ لأنَّ سليمان ◙ جعل شفقتَها عليه شبهةً مع دعواها، وفيه: أنَّه جائز للعالم مخالفة غيره من العلماء وإن كانوا أسنَّ منه وأفضلَ إذا رأى الحقَّ في خلاف قولهم، ويشهد لهذا قوله تعالى: { [وَدَاوُدَ] وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ}؛ الآية [الأنبياء:78] ، فالله تعالى أثنى على سليمان؛ لعلمه، وعذر داود باجتهاده.


[1] في (أ): (الزوج).