التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب الرهن في السلم

          ░6▒ (باب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ)
          أعاد فيه ذكر رهن الدرع عند اليهودي من رواية محمد بن محبوب، وهو بحاء مهملة وموحدتين، وفيه: (ارتهن _ أي: اليهودي _ من رسول الله صلعم الدرع)، وفيه جواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمَّة، والحكم بثبوت أملاكهم على ما في أيديهم، وجواز الرهن في الحضر وبه قال الأئمة الأربعة، وخصَّه داود ومجاهد بالسفر ممسكًا بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:283]، وحجَّة الجمهور هذا الحديث، وهو مبيِّن للآية.
          وفيه معاملة من يده مشتملة على حلال وحرام، فإنَّ الله تعالى وصف اليهود بأنَّهم أكالون للسحت، وأمَّا رهنه عنده دون الصحابة؛ فقيل: فعله لبيان الجواز، وقيل: لأنَّه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عنده، وقيل: لأنَّ الصحابة لا يأخذون رهنه، ولا يتقاضون بالثمن فعدل إلى اليهودي لئلا يضيق على أصحابه.
          قلت: وقد يستدل به على عدم اشتراط القبول في الإبراء، ولعله سبب عدوله عن أصحابه إلى اليهودي؛ لأنَّ الصحابي يبرئ الشارع، بخلاف اليهودي للعداوة.
          وفي رهنه صلعم درعه عند أشد الناس عداوة له علم من أعلام نبوته، وهو الإشارة إلى ظهور الدين، وحصول الأمن حتى يصح السلم؛ لأنَّه... (1) عند عدوِّه لا يخافه فتأمله. والله أعلم.


[1] كلمة غير مفهومة في الأصل.