التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب من قال: ليس على المحصر بدل

          ░4▒ (باب مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى المُحْصَرِ بَدَلٌ).
          قوله: (وَقَالَ رَوْحٌ: عَنْ شِبْلٍ، عَن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) إلى آخره، روح هذا هو روح بن عبادة، وشبل هو ابن عباد المكي الثقة، وابن أبي نجيح هو أبو يسار عبدالله بن أبي نجيح، وأبو نجيح اسمه: يسار.
          قوله: (وقال مالك: يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) إلى آخره، هذا هو في «الموطأ».
          قوله: (وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِج الْحَرَمِ) هو من قول البخاري، وصله بقول مالك وليس من قوله.
          وقوله: (إنَّها داخل الحرم)، وقال الشافعي: إنَّها خارج الحرم، وجمع ابن بطَّال بينهما، فقال: كلا القولين له وجه لأنَّ الحديبية في أوَّل الحرم، وهو موضع بروك ناقة رسول الله صلعم لأنَّها إنَّما بركت في أوَّل الحرم، وقال ◙ : ((حبسها حابس الفيل))، والفيل لم يدخل الحرم، فمن قال: الحديبية خارج الحرم يمكن أن يريد البئر وموضع نزول رسول الله صلعم ، ومن قال: إنَّها في الحرم يريد موضع حلاقهم ونحرهم.
          قلت: ويرده ما ورد: أنهم لما حلقوا جاءت ريح، فحملت شعورهم، فألقتها في الحرم، والله أعلم. ووجه إيراد حديث ابن عمر في الباب وليس في لفظه ما يدل على الترجمة لأنَّ البخاري استغنى بشهرة قصة صده صلعم بالحديبية، وأنهم لم يؤمروا بالقضاء في ذلك لأنَّها لم تكن حجَّة الفريضة، وإنَّما كانوا محرمين بعمرة، وعقب البخاري كلام مالك بحديث ابن عمر للتنبيه على أنَّه أخذه منه. وقد اتفقوا على أن المحرم إذا أحصر عن الحج تحلل وعليه هدي، وهو دم شاة يذبحه حيث أحصر، ثمَّ يحلق كما فعل رسول الله صلعم عام الحديبية، ويختص ذبح الهدايا كلها بالحرم إلا هدي المحصر، فمحل ذبحه حيث أحصر، وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يراق أيضًا إلا في الحرم.
          ثمَّ إن كان حج المحصر حج فرض قد استقر عليه فهو في ذمته، وإن كان تطوعًا أو كأنَّ ذلك أوَّل سنة الوجوب فهل يجب عليه القضاء؟ فمذهب الشافعي ومالك: أنَّه لا قضاء عليه، ومذهب أبي حنيفة: أنَّه يجب عليه. واختلفوا في المحرم بالحج إذا حبسه / مرض أو عذر غير العدو هل له التحلل؟ فذهب جماعة منهم مالك والشافعي وأحمد إلى أنَّه لا يباح له التحلل، بل يقيم على إحرامه، فإن زال عذره وقد فاته الحج تحلل بعمل عمرة، وذهب قوم ومنهم أبو حنيفة إلى أنَّه يتحلل.